تصعيد قوى 14 آذار ..  تبدل في المعطيات الاقليمية؟ ـ ليلى نقولا

الإثنين 18 آذار , 2019 09:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ردّ تلفزيون المستقبل بعنف لافت على خطاب الوزير جبران باسيل في ذكرى 14 آذار، والذي حدد فيه باسيل رؤيته لأولويات الحكومة اللبنانية بالوضع الاقتصادي، وعودة النازحين السوريين ومكافحة الفساد. وبالاضافة الى رفض المستقبل الحديث عن مكافحة الفساد والتي بدا الاتهام فيها موجهًا الى الرئيس فؤاد السنيورة وهدر 11 مليار دولار خلال فترة حكمه، بدا المستقبل متناغمًا هو وقوى 14 آذار في موضوع رفض عودة النازحين السوريين الى وطنهم، ووضع خطوط حمراء أمام أي زيادة للتعاون والتنسيق مع الحكومة السورية.

ويبدو أن قوى 14 آذار ومنذ زيارة ساترفيلد الى لبنان، وتمهيدًا لزيارة بومبيو، بدأت تصعّد من لهجة خطابها ضد الفرقاء الداخليين مراهنة على معطيات ستبدّل موازين القوى في المنطقة - بحسب اعتقادهم- وعليهم أن يعودوا الى رصّ الصفوف لمواكبة هذه التطورات والبناء عليها، فما هي هذه التطورات؟

- تراهن قوى 14 آذار على التظاهرات المطلبية التي تحصل في درعا، معتبرة أن هذه التظاهرات قد تعيد الأمور الى نقطة الصفر وكأن الحرب لم تقع، فيُحرج الأسد، ويضطر لتقديم تنازلات صعبة.

- يعوّل هؤلاء على الحرب الاقتصادية التي يشنّها الأميركيون والغربيون على السوريين، والعقوبات الاقتصادية التي ستدفع الشعب السوري الى الجوع، فالثورة مجددًا.  بالاضافة الى العقوبات على السوريين، تأمل هذه القوى أن تشكّل العقوبات على حزب الله، تغييرًا في موازين القوى الداخلية وإضعافًا للحزب وحلفائه تعيد لهم السلطة التي فقدوها في الانتخابات النيابية الأخيرة.

- تتحدث قوى 14 آذار عن إمكانية تغيير ما في الموقف الروسي، قد يجعل الروس يضغطون من أجل حلٍ سياسي سوري، يعطي هامشًا واسعًا للمعارضة السورية، وذلك لحاجة سورية الى الأموال لإعادة الإعمار، وبالتالي حاجة الروس الى تقديم تنازلات للأوروبيين من أجل هذه الغاية.

- بالرغم من إعلان الرئيس الاميركي نيّته الانسحاب من الجغرافيا السورية، إلا أن تطمينات غربية أتت للمعارضة السورية، وقوى 14 آذار بأن الأميركيين لن يتركوا المنطقة وأنهم ملتزمون بالضغط على حزب الله وعلى إيران، وصولاً الى إسقاط النظام الايراني.

وهكذا، يبدو أن الردّ المستقبلي والداخلي على التيار الوطني الحر في موضوع النازحين السوريين، ما هو إلا تنفيذ لأجندات خارجية تهدف الى استمرار استخدام النازحين السوريين كورقة ضغط على الحكومة السورية لتحصيل مكاسب سياسية لم يستطع الغربيون وحلفاؤهم تحقيقها عبر الميدان العسكري.

إن الحديث عن ربط عودة النازحين السوريين بالحل السياسي، واستمرار الحديث عن ما يسميه الاوروبيون "الانتقال السياسي"، هو ببساطة مجرد تبدّل في وسائل الدول الغربية لفرض شروط سياسية على سوريا ومحاولة الكسب في السياسة، وعبر استخدام وسائل الحرب الاقتصادية وورقة اللاجئين السوريين، ما عجزوا عن تحقيقه عبر الحرب العسكرية والارهاب...

باختصار، تعاني سورية اليوم، من حرب أعنف - يقودها نفس المحور الذي قاد الحرب العسكرية - قد تكون أقسى وأخطر من الحرب العسكرية، هي الحرب الاقتصادية وحرب تجويع الشعب السوري لإخضاعه... ولكن، ستخيب قوى 14 آذار مجددًا كما خابت رهاناتها في وقت سابق، وستعود الى الداخل اللبناني نادمة لإنعاش التسوية التي يحاولون نحرها اليوم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل