الثلاثي الحكومي في السعودية، لِنَسف الثلاثية الرئاسية - أمين أبوراشد

الثلاثاء 16 تموز , 2019 09:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لا أحد يزور السعودية، من حقِّه التصريح عن وقائع زيارته ومضمون محادثاته، إلَّا بمقدار ما تسمح به المملكة، ولم ينسَ العالم لغاية الآن "بحصة الحريري" التي مُنِعَ من "بقِّها"، الى أن تمّ تفتيتها عبر التسريبات والتحليلات وإعادة تجميعها لتغدو بحجم جبلٍ من البحص، يروي ما حصل مع الرجل يوم "استُقيل" من منصبه في الرياض.
ولذلك، ذهبت كل وسيلة إعلامية الى مبدأ التحليل، لأن الحديث في العموميات عن العلاقة مع المملكة وحرصها على لبنان بات من قبيل الفكاهة المؤلمة والجارحة في آن، وكما للآخرين حقَّهم في التحليل، نُعطي لأنفسنا هذا الحق من خلال قراءة الوقائع بمنظور التجربة اللبنانية مع "مملكة المكرمات"، والدور الذي تلعبه في لبنان منذ اتفاق الطائف سواء في زمن الرئيس المرحوم رفيق الحريري، أو عبر الحكومات الحريرية المُتعاقبة، ووصولاً الى الإرث الذي بات - سعودياً-  ثقيلاً وضاغطاً على الرئيس سعد الحريري.
 قراءتنا تقول، أنه في اليوم الثالث من إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عرض خلالها عبر مقابلة مع "المنار"، وعلى الخريطة، بنك أهداف المقاومة في الداخل الإسرائيلي في حال ارتكاب العدو أية حماقة، بدأت حكاية الإستدعاء السعودي العاجل للثلاثي الحكومي بصفته عنصر الضغط السُنِّي على الحريري.
إطلالة السيِّد النارية بامتياز كانت ليلة الجمعة، ولم يبدُر من الرئيس الحريري يوم السبت أي موقفٍ يُطالب بحصر السلاح في كنف الدولة، كونه حريص جزئياً على عدم مُقاربة ما يرتبط بالإستراتيجية الدفاعية، لأنها جزء من تفاهمات التسوية الرئاسية الثلاثية التي جاءت بالحريري الى السراي.
وعليه، جاء الإستدعاء السعودي لرؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة الى السعودية يوم الأحد، ثم توجهوا الى بيت الوسط للتشاور مع الرئيس الحريري "المغضوب عليه" سعودياً، وطاروا في اليوم الثالث أي الإثنين في زيارة ليوم واحدٍ الى المملكة، دون أن يدروا - وعلى لسان السنيورة – الغاية مِن ما أسماها السنيورة "دعوة كريمة"، ليؤكد بعدها قبل السفر، لقاء العاهل السعودي وولي عهده، ولتنتهي الزيارة بلقاء الملك السعودي دون ولي عهده، وتنتهي جلسة العمل الفعلية مع الوزير العالولا والسفير البٌخاري على "مأدبة تكريمية".
وكل ما صدُر عن زيارة الثلاثي الحكومي الى المملكة، جاء مُغايراً للواقع والحقيقة، بدليل تناقض تصريحات هذا "الثلاثي"، وبدا كلٌّ منهم وكأنه يقوم "بتسميع الدرس"، الذي يحفظ حقوقه مع ولي النعمة السعودي:
ميقاتي الذي تربطه بالسعودية مصالح استثمارية خاصة، تحدَّث عن مشاريع سعودية سوف ترى النور قريباً، والسنيورة ربيب السعودية، مذهبياً وسياسياً ومالياً، تحدَّث عن الطائف وحقوق السُنَّة ومركز رئاسة الحكومة وضُمور دور هذه الرئاسة في عهد الرئيس ميشال عون، فيما ذهب تمام السلام الى الإشادة بالمملكة ومكرماتها، خصوصاً أنه تربَّى على خيراتها من خلال جمعية المقاصد في زمن والده بتمويل سعودي، واستمرت هذه المكرمات لغاية اليوم طالما أن سلام الإبن وفيّ للقمة الخبز.

وفي الخُلاصة، لا تطبيق إتفاق الطائف - السيء الذكر والتطبيق - منذ الحريري الأب، هو الذي استدعى الإستدعاء العاجل، ولا حقوق أهل السُنَّة في لبنان يتمّ تحصيلها من مملكة عائلية قائمة على المذهب الوهَّابي المُستحدث خارج المذاهب الدينية السُنِّية الأربعة، ولا نظام يُجرِي محادثات من تحت الطاولة مع الكيان الصهيوني الغاصِب، مؤهَّل لتأهيل أهل السُنَّة الذين ارتبط تاريخهم بالقومية العربية وبالقضية الفلسطينية، ولذلك، كل فحوى الإستدعاء السعودي هو في الإستمرار بنسف التسوية الرئاسية ومشاكسة عهد الرئيس عون عبر الضغط على الرئيس الحريري لإخراجه من هذه التسوية، لكن السعودية القادرة على "الحرتقة" في لبنان ووضع العصي في دواليب عجلة العهد من خلال الشخصيات السُنِّية، هي أعجز من أن تقضي على تسوية لا بديل عنها حالياً ولا بديل عن الحريري فيها، مهما حاولت المملكة محاربة اعتدال الحريري شبه المقبول لدى المقاومة وحلفائها عبر "وهَّابيين" أو "دواعش" يرتدون بذلات مدنية وربطات عُنُق..  

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل