العراق القوي "المرفوض اميركياً" .. يتمرد ـ يونس عودة

الأربعاء 22 كانون الثاني , 2020 10:22 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليس ما يجري في العراق حاليا , مفصول عما يجري في المنطقة , فالمشروع الاميركي بنفسه اوجد وحدة المسارات سواء في التصدي للمشروع الشرير , لاسباب عدة اولها ان المشروع يحمل في كل تفاصيله هدف السيطرة على الثروات , والتحكم السياسي بكل ابعاده العسكرية والامنية والاقتصادية , وقد بنت الولايات المتحدة مداميك المشروع في الاساس منذ احتلال العراق (نيسان 2003)على ايجاد طبقة سياسية ورطتها واشنطن عن سابق اصرار وترصد في فساد ,لا يعالج سوى بالاجتثاث , ولتكون هذه الطبقة مطواعة للاملاءات حيث تدعو الحاجة.وصاغت لها دستورا , مستلهما من الدستور اللبناني في مضمونه الطائفي , اي حاملا قواعد الفساد بما يبقي  بذور التفجر الاجتماعي جاهزة وغب الطلب 

لقد تمرد العراقيون , والتمرد طابع عام , لا بل ثقافة راسخة في الشخصية العراقية , وشكلت فصائل مقاومة واجهت الاحتلال واجبرته على المغادرة , بعد 8 سنوات , لكن الزرع الاميركي اكان في مكونات مذهبية ,او اثنية , سرعان ما انبت معضلات سياسية واجتماعية استغلتها واشنطن بعناية واسعة واعادت حضورها القوي , بذريعة مكافحة صنيعتها "داعش", في ظل فشل السلطات العراقية منذ الحاكم بول بريمر وحتى حكومة عادل عبد الهادي , في ان تقدم للشعب العراقي رغم تضحياته الكبيرة , الحد الادنى من حاجات الحياة العصرية , سواء في التعليم او الخدمات على اختلافها ولا سيما الطبية , مع تراجع المستوى التعليمي وارتفاع منسوب الامية , في بلد كان يزخر بالعلماء والطاقات على مختلف الصعد .وصفر امية , وكل ذلك بقرار عن عمد بموازاة تراكم الثروات في حسابات الحاكمين بالتحاصص .

ان بقاء العراق دولة مترنحة ليس فقط ضرورة اميركية , بل هو ايضا حاجة اسرائيلية منذ ان إنشاء الكيان على ارض فلسطين , اذ ان الكيان الصهيوني يرى في العراق دولة مواجهة على المستوى الاستراتيجي , والعراقي مقاتل مقدام شرس بتكوينه , والمطلوب ان يبقى مجردا من القوة الوطنية , بغض النظر عمن يكون الحاكم , ولذلك فإن النشاط الاسرائيلي ضد العراق , ليس حديث العهد , فقد دمرت المفاعل النووي العراقي الذي كان في طور البناء عام 1981 , , وكان الموساد سباقا في اغتيال العلماء العراقيين بعد سقوط نظام صدام حسين , وبناء شبكة علاقات متينة مع حكام اقليم كردستان , لا بل بات الوجود الاستخياراتي علنيا في الاقليم , ويعملون من هناك على ادارة العمليات ضد العراقيين ولا سيما الفصائل المقاومة , وعلى تفكيك البنية الاجتماعية العراقية , وقد زادوا وتائر عملهم عبر الخروق في مؤسسات رسمية , وعبر منظمات مدنية حملت اسماء مغرية , بعد هزيمة "داعش" على ايدي الحشد الشعبي , والجيش العراقي الذي تماسك واشتد عوده بعد الانتصار في الموصل وتطهير غالبية المحافظات من لوثة الارهاب , الامر الذي حصن المجتمع بمكوناته الوطنية , ووحد النظرة تجاه الاميركي كمحتل , رغم محاولة الاميركيين والاسرائيليين استنبات بذور التفرقة بين السنة والشيعة , بينما واقع الامر , فان العملاء والادوات  ليسوا حصرا من طائفة واحدة ,,تماما كما كان الوضع في جنوب لبنان في فترة الاحتلال .

لقد انتاب القيادة الاسرائيلية جزع كبير عندما المح الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى امكانية الانسحاب من العراق , وجاء اغتيال الفريق قاسم سليماني , وابو مهدي المهندس , ليشكل منعطفا في الصراع الخفي , ليطفو, ويحتل الواجهة , وكان اهم مؤشرات المعركة السياسية  في البرلمان الذي اقر خروج القوات الاميركية ,دون اي اتفاق , مع تجميد عملياتها حتى اقرار سبل الخروج وتنسيقها , واذا صح تمنع انصياع اميركا لمشيئة الشعب العراقي , فان قرار اخراجها بالقوة ,موضوع على الطاولة لدى كل محور المقاومة الذي يعتبر العراق بفصائله التي جربها الاميركي , واحد من الاذرع الشديدة البأس, وحتى لو كان الجيش الاميركي  تحت جناح الحلف الاطلسي الذي يريد ترامب وادارته توسيع دوره ليكون مظلة للقوات الاميركية , وليس انشاء "المقاومة العالمية" من فصائل عراقية الا رسالة للاميركيين , بان بقاء قواتهم , يعني ان الجحيم بانتظارها , وقد سبقها التشييع غير المسبوق لسليماني والمهندس من كل فئات الشعب العراقي وليس كما حاولت الدوائر السوداء ان تصور بأن الحشود كانت مقتصرة على الشيعة , وستكون الرسالة التالية مليونية طرد الاحتلال , المقررة يوم الجمعة , وهذه الاخير ة ارعبت الاميركيين الذين حركوا ادواتهم فيما يسمى بالمجتمع المدنى وخلايا امنية واحرقوا مقرات لفصائل عراقية ولا سيما في النجف كرسالة استباقية .

ليس متوقعا ان يسلم الاميركيون بسهولة , ولذلك يعملون حاليا , على تهديد القيادات السنية من جهة ومحاولة استقطاب لوجهاء من العشائر ولا سيما اولئك القريبين من الحدود السعودية من جهة ثانية , مع محاولة اغراء التقسيم كأحد اعمدة تفسخ الوحدة الوطنية , ولذلك فان المعركة في بدايتها , مع الاحتلال من جهة , واقتلاع الفساد كأحد يذور الاحتلال من جهة ثانية , وهذه الاخيرة تستدعي تغيير بنود في الدستور .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل