12حكومة لبنانية اسقطها الشارع (حلقة 4) ـ أحمد زين الدين

الثلاثاء 10 آذار , 2020 10:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

الحكومة الشهابية الأولى استبدلت بحكومة رباعية

أقلام الثبات

في 4 آب 1958 تم انتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وهو انتخاب وصف أنه تم بعد توافق اقليمي ـ دولي وبصفة خاصة مصري ـ اميركي، والتي شاء مايلز كوبلاند أن يصفها بأنها "جاءت مطابقة لما كان يريده جمال عبد الناصر".

حتى بدا وكأنَّ جنود البحر الاميركيين جاءوا إلى لبنان لخدمة اهداف ناصر لان رئيس الجمهورية الجديد كان عبد الناصر أول من رشحه مع رئيس حكومته رشيد كرامي لقيادة البلاد.

تسلم الرئيس فؤاد شهاب سلطاته الدستورية في اليوم الأخير من ولاية الرئيس كميل شمعون في 20 أيلول 1958، وباشر على الفور بتأليف حكومته الأولى التي تشكلت في 24 أيلول برئاسة رشيد كرامي وعضوية: شارل حلو، فيليب تقلا، محمد صفي الدين يوسف السودا رفيق نجا، فريد طراد، وفؤاد نجار، وهنا كانت محاولة ثورة مضادة ضد شهاب وحكومته فلم تعمر هذه الحكومة اكثر من ثلاثة اسابيع، لأنه كما يقول الوزير والنائب السابق الراحل يوسف سالم: انتفض "تيار قوي من المواطنين رافضاً القبول برشيد كرامي رئيساً للوزارة الجديدة، وهو الذي اشترك اشتراكاً رئيسياً في مواجهة شمعون ومشروع ايزنهاور، ولم يغفر كميل شمعون للجنرال شهاب موفقة منه ومن الثورة التي نشبت ضده، فما كاد شهاب يتربع على سدة الرئاسة حتى ادرك أن فريقاً كبيراً من اللبنانيين لا ينظر إليه وإلى حكمه بعين الرضا".

وإذا كانت المقاومة الشعبية ضد شمعون ومشروع ايزنهاور هدأت فأنه على حد تعبير يوسف سالم فإن "ثورة مضادة نشبت بقيادة الكتائب اللبنانية بالاتفاق طبعاً مع الرئيس شمعون"، وذلك لإفهام شهاب: "اننا نحن الذين نمثل المسيحيين في هذا البلد، والموازنة بوجه خاص لا انت".

"وظلت دقات الحزن التي ارسلتها اجراس بعض الكنائيس في بيروت والقرى اللبنانية ترن في الآذان، ودامت الثورة المضادة شهراً".

ويؤكد باسم الجسر ان انتخاب الرئيس شهاب، "قد استقبل بفرحة عارمة في صفوف الجيش وضباطه، وبإطلاق الأعيرة النارية ابتهاجاً في الاحياء والقرى التي كانت في يد المعارضين الثائرين، وبقرع اجراس الحزن في بعض الاحياء والقرى التي اعتبرت انتخابه وخروج الرئيس شمعون من الرئاسة، هزيمة سياسية للمسيحيين في لبنان".

واذ يؤكد يوسف سالم ان الرئيس شهاب تسلم "الحكم عقب الثورة، وهو الجندي الذي لم يستطع أو لم يشأ ان يقمع الثورة حتى لا يسفح دماً لبنانياً برصاص لبنانيين" فقد "جعل اهتمامه الاول ان يجري مصالحة وطنية بين اركان الثورة الاولى والثورة المضادة، لذلك انتقى وزارة جديدة عنوانها لا غالب ولا مغلوب مؤلفة من اربعة وزراء: "رشيد كرامي رئيساً، بيار الجميل، الحاج حسين العويني، وريمون اده اعضاء" التي تضمن بيانها الوزاري النقاط الآتية:

  • الحرص على سيادة لبنان واستقلاله
  • الميثاق الوطني هو طريق الحكومة وسياستها، والوحدة الوطنية شعارها الرائد
  • يجب بناء دولة وفقاً للمبادئ التي تضعها النخبة وتلائم مصلحة الشعب وطموح المواطنيين.

غير انه لابد من الاشارة إلى ان هذه الحكومة لم تكن من ضمن نظرة الرئيس شهاب أو البرنامج الذي كان يتطلع إلى تنفيذه، لتصفية آثار ورواسب الثورة، أو معالجة اسبابها، لكنه كان الحل العملي أو الواقعي لوقف ماسمي بالثورة المضادة، وكان دخول ريمون اده فيها مفاجأة للناس، بعد ان ترشح ضد الرئيس شهاب في جلسة انتخابه رئيساً، وحال دون انتخابه بالدورة الاولى، ولكن التعاون بين الرجلين في بداية الأمر كان ايجابياً ساعد على معالجة وحل مشاكل عديدة، ولم يكن هناك من اسباب شخصية أو مزاجية تحول دون استمرار هذا التعاون بين رجلين تقرب بينهما افكار وصفات مشتركة، لو لم تنشب خلافات حادة بين الوزير اده والوزير بيار الجميل من جهة ولولا حادثة اصطدام بين ضباط المكتب الثاني واحد اصدقاء ريمون اده".

ثم استقالت الحكومة الرباعية في خريف العام 1959، فكان ذلك مناسبة لتوسيع هذه الحكومة التي اضيف إليها خمسة وزراء يمثلون الطوائف اللبنانية الكبرى، وكان بين الوزراء وجوه سياسية تقليدية، كموريس زوين وفيليب تقلا، ووجوه جديدة كفؤاد بطرس وفؤاد نجار وعلي بزي.

استمرت هذه الحكومة حتى شهر أيار عام 1960 اصدرت خلالها عدداً من المراسيم الاشتراعية.

 

(يتبع)


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل