"صفقة القرن" ما بعد كورونا .. معركة الحق والباطل ـ يونس عودة

الثلاثاء 21 نيسان , 2020 10:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في ذروة انشغال العالم بوباء كورونا , والبحث عن وسائل ناجعة لمكافحة الجائحة الاعتى في تاريخ البشرية ,من حيث الانتشار ,والمصاعب امام ايجاد الترياق ,انسحبت الكثير من القضايا الانسانية بابعادها السياسية ,وحتى الايديولوجية الى زوايا غير واضحة المعالم , وابرز تلك القضايا التي تعتبر بدورها ,جائحة حقيقية بكل ما للكلمة من معنى ,"المشروع الاميركي - الصهيوني - وبعض العربي"والمسماة صفقة القرن .

فالسؤال الاول هو غرابة الصدف ,في الاعلان عن صفقة القرن (28 كانون الثاني 2020), اي بعد اقل من شهر على اكتشاف "كوفيد19",فهل ارادت الولايات المتحدة زرع وتد لما بعد كورونا بحيث تكون دول العالم, كل منشغل باعادة ترتيب شؤونه الداخلية , اذ ان عواصف سياسية -اجتماعية - اقتصادية سوف تجتاح أماكن كانت تعتبر مستقرة الى حد بعيد , ولها شأنها وموقفها في القضايا الدولية, وبالتالي يمكن تمرير الصفقة لاحقا , دون اي رد فعل له وزنه ؟

لقد شعرت غالبية البشرية كيف يجري التلاعب عبر  وسائل الإعلام، في التصورات والسلوك العام، بدرجات متفاوتة .لتحل تلك الوسائل, بما فيها وسائط التواصل الاجتماعي محل خبرات الناس التي كانت تحققها في التواصل المباشر,وبالتالي خضع الكثيرون أكثر للتلاعب.وستبقى عملية التلاعب مضطردة ما دام الناس في العالم أسرى الشاشات وكل وسائل التدمير الاجتماعي , وبالتالي بعد السيطرة على الوباء العالمي , نكون أمام عالم جديد يسهل زرع الشقاق والصراعات بين تكويناته, وهنا ستكون المسؤوليات أكبر على القادة والانظمة التي اختبرت من خلال وباء كورونا ,من هي الدول الكبرى التي ازرتها ,وكانت واضحة في ابعاد اعمالها الانسانية , ومواقفها السياسية , بخلاف الدول التي كشفت عن قباحة شعاراتها الحقيقة ودورها في القرصنة العالمية , وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الاميركية .

لقد بدأت قيادة الكيان الصهيوني بتطبيق صفقة القرن على الارض التي من مفاعيلها ان تضم الأغوار، وزيادة الاستيطان وتشريعه وبالتالي تدمير القضية الفلسطينية والغاء حق العودة،، فصفقة القرن أخطر بكثير" كورنا" لأن وباء كورنا يؤدي لاصابات ويحصد بعض الأرواح وينتهي؛ ولكن وباء "صفقة القرن" سوف تبيد ما تبقى من القضية الفلسطينية،اذا بقي العرب وعلى رأسهم الفلسطينيون على صمتهم , او حتى تدوير الزوايا.وهم باتوا يدركون حقيقة سياسة الولايات المتحدة ومن يلتحق بفلكها بانها قائمة على كلمتين - فرق تسد -.

في الحقيقة الواضحة ان امام الفلسطينيين فرصة لتوحيد الرؤى وفق برنامج وطني واحد ما داموا يجمعون على رفض "صفقة القرن" , والتخلي عن التكتيكات على حساب استراتيجية التحرير والدولة الحقيقية , فالشعب الفلسطيني يواجه تحديات كبيرة وخطيرة تهدد وجوده فعليا كشعب، وتهدد قضيتة وحقوقه وكيانه, لذا فهو مطالب , أكثر من أي وقت مضى أن يوحد صفوفه ويحشد طاقاتة وامكانياتة لمواجهة هذة التحديات .

اما العرب الذين طالما تمزقوا جراء السماع والانصياع منذ انشاء دولة الاحتلال , لرعاة هذا الكيان , مطالبون بان يكونوا ولو لمرة قادرين على الاجماع على قول كلمة "لا", ليس فقط من اجل فلسطين وقضيتها وشعبها, بل من أجلهم هم كمجموع دول , او على مستوى كل دولة بمفردها , فهل سنشد هبة وعي لديهم؟ أم انهم سيترحمون على انفسهم لو بقيت جائحة كورونا , سيما ان التوقعات والدراسات لديها شبه اجماع على متغييرات اجتماعية - سياسية قادمة حتما , والفرصة للانقاذ تكون بتوسيع نافذة الفرص السياسية لإنفسهم , واغلاق نوافذ الفرص السياسية أمام المحتل لاسقاط "صفقة القرن".

اسرائيل اليوم في ازمة سياسية داخلية غير مسبوقة , وصورة الولايات المتحدة ازدادت بشاعة حتى بين اولئك الذين كانوا يعتبرونها الحلم ,فهل ستضغط واشنطن ,لارغام العالم وبالاخص العرب بعد نهاية الجائحة الصحية,على الاقرار ب"صفقة القرن" لتظهر ان الولايات المتحدة سوف تظل الممسكة برقاب البشرية , وممنوع على احد التمرد على الباطل .

هذا هو الخيار الذي تضع واشنطن العالم امامه: الخيار بين الحق والباطل, فان اخترت الوقوف مع الحق تنجو , وان اخترت الولايات المتحدة ستكون ملعونا لانك ستكون احد وجوه الباطل .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل