الإجتياح المالي للبنان ... "حرب الليرة" ـ  د. نسيب حطيط

الخميس 23 نيسان , 2020 01:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعدما تعرّض لبنان للإجتياح الإسرائيلي في العام 1982م ووصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الى العاصمة بيروت وبقيت بعض المناطق اللبنانية في البقاع والشمال وبعض جبل لبنان خارج الاحتلال وبعدما نجحت قوى المقاومة بتحرير لبنان في العام 2000 ومحاولات العدو الإسرائيل وحلفائه العودة الى لبنان في حرب تموز عام 2006 ومن ثم محاولات التكفيريين القادمين من الشرق عبر الحدود السورية أي الإلتفاف على لبنان من الخلف وبعد افشال كل المحاولات من قبل قوى المقاومة وحلفائها ،يعود الأميركيون ليشنّوا حرباً بالإنابة عن العدو الإسرائيلي وبالأصالة عن نفسه بعدما عجزت ادواته الداخلية عن ذلك وعجزت بعض الدول الإقليمية ،مما أضطر الأميركي للنزول الى الشارع ميدانيا عبر الحرب الاقتصادية من خلال الحصار الاقتصادي وعملائه الماليين ،حيث يتعرض لبنان الآن لإجتياح مالي يمكن تسميته "حرب الليرة" وهو إجتياح مالي ناعم يشمل كل لبنان من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب وضحاياه كل اللبنانيين المقيمين والمغتربين بشكل عام وهو عدوان مدروس ومخطط له لحصار البيئة المناهضة للعدوان حيث يتم مصادرة أموال المغتربين والمقيمين، وذلك استكمالا للحصار الاقتصادي والعقوبات ويستهدف هذا الإجتياح كل الفقراء والطبقة الوسطى في لبنان وبشكل خاص المودعين "الشيعة "حيث ان الدراسات والبيانات المالية تؤكد نمو الكتلة النقدية عند الشيعة وهذا ما يجعلهم يمتلكون مقومات القوة( العديد البشري والمال والقوة العسكرية المنظمة ) ونتيجة العجز عن هزيمة منظومة القوة كان لا بد من الإلتفاف من الخلف على القوة المالية وافقار وتجويع الجمهور المؤيد لتفجير الوضع الاجتماعي الداخلي ..وتحقيق الهزيمة الداخلية بالتزامن مع نشر المخدرات والإدمان ،إن ما نتعرض له من اجتياح مالي منظم يشبه  حرب الأفيون البريطانية على الصين .عام 1840ميلادي.

ان الإجتياح المالي العام 2020 يختلف عن الإجتياح العسكري عام 1982م وفق التالي :

- لقد استهدف الاجتياح العسكري ظاهرا المقاومة الفلسطينية واخرجها من لبنا ن بينما يستهدف الإجتياح المالي المقاومة اللبناية لإخراجها من السلطة ومن معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي.

- استهدف الاجتياح العسكري بعض الأراضي اللبنانية وبعض الشعب اللبناني والفلسطيني المقيمين في لبنان بينما يستهدف الاجتياح المالي كل اللبنانيين مقيمين ومغتربين وفلسطينيين وبعض العرب الذين يودعون أموالهم في المصارف اللبنانية .

- الاجتياح العسكري كان له الأدوات الظاهرة والمكشوفة ويمكن التصدي لها بالأسلحة المناسبة بينما الاجتياح المالي فإنه يتميز بسرية ادواته وشراكة كثير ممن في السلطة الحاكمة تحركه وتقاتل فيه الأيادي الناعمة المتخصصة ولا تحتاج الى القذائف والطائرات او الصواريخ بل لقرارات وتعاميم وتحويلات كمبيوترية غير مرئية او معروفة وتدعمها وسائل الإعلام وبعض الرشوة لبعض السياسيين أو المسؤولين.

- ان الإجتياح العسكري استهدف من حيث الظاهر العسكريين والمقاتلين مع انه فتك بالمدنيين وارتكب المجازر وهدم البيوت ،لكن الإجتياح المالي يستهدف المدنيين والعسكريين والكبار والصغار حتى الأطفال الرضّع ومنع الحليب عنهم وعن العجائز والشيوخ حتى الدواء وعن الطلاب أقساط جامعاتهم  انه اجتياح شامل كوباء "الكورونا" حيث لم يستثن احداً وبمفعول رجعي يقضم معاشات التقاعد للمتقاعدين الذين استأمنوا المصارف على أموالهم في آخر العمر فأستيقظوا على سرقة موصوفة وخداع طوال السنين الماضية وما سينتج عن ذلك من كوارث صحية واجتماعية ونفسية .

ان مقاومة "الإجتياح المالي" واجب وطني وإنساني ومشروع ضد من سرقوا أموال الناس وقد روي في بعض الأحاديث الشريفة " من قتل دون ماله فهو شهيد" ولذا فإن انتظار ان يعيد السارقون أموال  المودعين، هو انتظار في غير محله ولن تعيد لكم المنظومة الحاكمة ولا الحكومة ولا بقية المؤسسات الدستورية او القضائية اموالكم  ولا بد من تنظيم (المقاومة المالية) للدفاع عن حقوق المودعين ودفاعا عن لقمة عيش المحرومين والمستضعفين الذين تآكلت رواتبهم واجورهم ويمكن ان تضم هذه المقاومة المالية كل النخب الثقافية والمالية والخبراء والعلماء لتحرير لبنان من الإجتياح المالي الذي يريد احتلال مستقبلنا ببيع أصول واملاك الدولة بعدما استطعنا تحرير ماضينا من التبعية والإحتلال الفكري والعسكري.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل