الرئيس "ماكرون" يقرر .. والزعماء ينفذون! ـ د. نسيب حطيط

الأربعاء 02 أيلول , 2020 10:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

من المشاهد والأخبار المؤسفة والتي تثير الإستغراب والخيبة ،ما يجري منذ أسابيع في لبنان بين (الحاكم - المرشد الفرنسي) والزعماء السياسيين في لبنان وكأننا امام مشهد "معلّم" في الصف الإبتدائي يطلب من تلاميذه انجاز فروضهم وواجباتهم السياسية وفق ما يراه مناسبا ووفق المواعيد والمهل الي يحددها ..يدعوهم فيأتوا مسرعين الى "قصر الصنوبر الفرنسي " وهم الذين يفرضون شروطهم ويقاطعون "القصر الجمهوري اللبناني" ويتفاخرون انهم تلقوا دعوة للاستماع الى الاملاءات الفرنسية وربما بعض التقريع والتهديد .. مع شيء من الترغيب ..ثم يعودون الى مقراتهم يمارسون الفرعونية على اتباعهم وانصارهم وخصومهم ويتصرفون على أساس انهم يملكون القرار ..المحلي وربما العالمي ..!

قال الرئيس ماكرون يجب تغيير النظام او العقد السياسي فصفق الجميع وابتلع البعض السنتهم ولم يستنكر البعض الآخر وبدأوا بالتسابق بتقديم اوراقهم الإصلاحية "للوصي الفرنسي" دون ان نعلم ماهي الصفة التي تمنحه حق التقرير والتقريع ...ولماذا اقتنعوا وقبلوا ان يكون رئيسهم وزعيمهم فيقترحون رئيسا للحكومة كما أراد واقترح..بشكل سحري وعجيب ثم قبلوا والتزموا وتعهدوا (كما صرح الرئيس كامرون) بأن يقوموا بتشكيل الحكومة خلال خمسة عشر يوما ..وهم الذين كانوا يحتاجون الى سنة او اكثر لتأليف الحكومة !!

ثم قبلوا ان تكون من الإختصاصيين وان لا يكون التمثيل سياسيا بالمباشر وقبلوا ان لا تكون موسّعة وبعض المعلومات تقول انهم قبلوا أيضا بالأسماء التي قيل لهم ان يتبنوها لترشيحها للحكومة كوزراء حيث تُرك لهم مسرحية اقتراحها علنيا حفاظاً على ماء الوجه وحفظا للعملية الديمقراطية !

أيام الوجود السوري في لبنان كان يكفي ان يُستدعى "الزعيم"الى مكتب مسؤول سوري في عنجر ،برتبة "ضابط" ويطلب منه التنفيذ بتوزير فلان او ترشيح فلان للنيابة ...فينفذ شاكراً للمسؤول- الضابط تكرّمه بأن شرّفه بتنفيذ المهمة ..لكنهم جميعا عندما انسحب السوريون انقلبوا عليهم .وتفاخروا بعداوتهم لهم وانقلابهم عليهم .وغدر ألأغلبية بسورية التي كانت حجّهم وقبلتهم السياسية والمنفعية.!

ما كان يقوم به ضابط سوري ..صار يقوم به فرنسي برتبة "رئيس للجمهورية" وبدل اللغة الشامية صار القرار والطلب يُنطق بالفرنسية ...للدلالة على التحضر اللبناني وارتباطهم (بالإفرنجي) الخواجا..!

ما هو السر بطاعة المسؤولين اللبنانيين العمياء للرئيس الفرنسي ..؟

وما سر هذه الوداعة التي هبطت فجأة على المسؤولين في لبنان؟

ولماذا يتحرك الرئيس ماكرون ويتصرف بثقة وطمانينة وكانه في بلده ..بل أفضل، لأن عمله السياسي اصعب في فرنسا..

ماهي الوعود والأثمان والمقايضة التي حملها ماكرون..؟

البعض يقول ان الرئيس ماكرون حمل ورقتين إلى لبنان...واحدة للطبقة السياسية الحاكمة التي تم تهديدها بفضح ارصدتها في الخارج ومن ثم مصادرتها بالعقوبات ..

وورقة ثانية باتجاه حزب الله تعطيه بعض الهدايا المحلية والإقليمية والدولية ،مقابل البدء بالتفاوض لإقرار تفاهم طويل الأمد حول الصراع اللبناني- الإسرائيلي ..مع ضمانات أوروبية واممية بتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة وعدم الإعتداء الإسرائيلي على لبنان ..

لكن ما هو الربح الفرنسي في هذه العملية السياسية المعقّدة؟

ما يريده الفرنسيون يتمثل بالأهداف التالية:

-     استعادة لبنان كراس جسر وقاعدة سياسية واقتصادية فرنسية في المنطقة بعدما تصحّر الوجود الفرنسي بعد الربيع العربي والحضور الروسي والأميركي المباشر.

-     ضمان الإستثمارات الفرنسية في النفط والغاز خوفا من استبعادها بسبب الطموح الروسي والأميركي.

-     ضمان التاثير الفرنسي في أحداث وتسويات المنطقة على مشارف إعادة رسم خريطتها السياسية والاقتصادية حيث ان لبنان يشكل مفتاح الأبواب العراقية والسورية واليمنية ..وكذلك الإيرانية وهذا المفتاح بيد حزب الله اللبناني ..فلا بد من كسب رضاه واعطائه شيئا لمقايضته بأشياء.!

لكن السؤال ..هل ينجح ماكرون في مهمته وزياراته المكوكية ؟

وهل سترضى السعودية خصوصاً، بأن تخرج من لبنان سياسيا .. وتصبح هامشية بعدما انهزمت في كل المنطقة ..

لا تملك السعودية وتركيا سوى اللعب بالأمن... لتثبيت شراكتها او امتلاكها للقرار .. ولذا فان الخوف ان يتم نسف المبادرة الفرنسية بالعبوات الأمنية الخليجية ...والاميركية ..والتركية ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل