المنظمات غير الحكومية .. و دكاكين البازار السياسي ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 09 أيلول , 2020 08:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كل المنظمات غير الحكومية ( إن جي أو)، دون استثناء أيٍّ منها، حاولت تعويم نفسها على رُكام كارثة مرفأ بيروت، وفُتِح لها بازار التعامل مع الخارج نتيجة عدم الثقة الدولية بالحكومات اللبنانية خلال العقود الأربعة الماضية، ولم يذكر أي مسؤول أجنبي إسم أية مؤسسة حكومية، بل ذكر الجيش اللبناني والصليب الأحمر دون سواهما، كرديفين مُساعِدَين للمنظمات غير الحكومية في عمليات تلقِّي المساعدات الإنقاذية - الصحِّية والغذائية - وتوزيعها على المنكوبين جراء مصيبة إنسانية كبرى، حلَّت على لبنان لتزيد من أزماته المتراكمة دماراً في الحجر ويأساً في قلوب البشر، بحيث لم يعُد هَمّ اللبنانيين مَن هي الأيادي التي تمتدّ للمؤاساة وتقديم المساعدة، سواء كانت حكومية أو غير حكومية.

 ليس الخلل في العمل الإجتماعي، آتٍ من كل المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية والصناديق الخيرية، وغالبيتها المُطلقَة حاصلة على "علم وخبر" من وزارة الداخلية، لكن الريبة منها مبررة، نتيجة فضائح جمعيات تترأسها زوجة رئيس أو نائب أو وزير، وكانت "تلهط" من الدولة على مدى سنوات سابقة، موازنات تحت ستار الأعمال الخيرية، وما هي سوى مطايا شخصية للنهب والتحكُّم بالناس لغايات دنيئة، وعلى القضاء- متى غدا لدينا قضاء- كشفها وتعريتها وفتح أبواب السجون لِرُعاتها، الذين نهبوا من الجَيب اليُمنى للمواطن مليارات من الليرات، لِيُودعوا في جيبه اليسرى بضعَ ليرات.
سلّمنا جدلاً أن إعادة الثقة بالدولة تستلزم وقتاً، وأن الناس لا تسمح لها ظروفها الإقتصادية والإجتماعية للتمييز بين ما هو حكومي أو غير حكومي، لكن الثقة العمياء في المنظمات غير الحكومية لم يُقفل زواريب النهب التي بدأت في مطلع التسعينات، بل زادتها، من زاوية أن حلب البقرة شطارة، حتى ولو تمّ ذلك الآن، على دماء الشهداء ودموع المفجوعين ورُكام البيوت والأرزاق.
مئات المواطنين في الجميزة ومار مخايل والأشرفية، صرَّحوا عبر الشاشات، أن أكثر من منظمة غير حكومية حضرت الى نفس المنزل، وكشفت على الأضرار وأخذت المقاسات ووعدت بإجراء التصليحات، وغادرت على أمل التواصل ولم يحصل أي إتصالٍ منها، ولم تترك رقماً هاتفياً لمراجعتها، الى أن بانت ظاهرة "الإيد والإجر" على الطريقة اللبنانية مفضوحة، ودخلت المحسوبيات السياسية والحزبية ضمن برامج عمل بعض المنظمات.
ولا يجب استبعاد أي هدف ترمي إليه بعض هذه المنظمات، طالما أن كل الأسلحة لضرب هذا العهد مشروعة، والخِيَم الميدانية الحزبية موجودة، وعلناً تعمل فِرَق "القوات اللبنانية" بالتمييز بين مَن هو "قواتي" تُغدَق عليه المساعدات، مساعدات محظورة على "العوني" بشكلٍ خاص وعلى مَن هو غير "قوُّتجي" بشكلٍ عام!
إستخدام الحقد السياسي على عهد ميشال عون بعد كارثة المرفأ، تخطَّى كل معقول في رمي الحرام، وكأن نترات الأمونيا تمّ تخزينه في عهد الحكومات الحريرية والسكوت عليه من بعض المرجعيات السياسية والحكومية والأمنية، لحين الحاجة الى تدمير كيان الدولة متى بات التدمير مطلوباً، والقضاء المشلول، أداؤه ما زال سلحفاتياً قاتلاً لمعنويات اللبنانيين، ودور محطات التلفزة العميلة يقتصر على حصر تسديد خناجرها الى صدر العهد، ولا حلّ للخروج من النفق سوى بحكومة تسمو فوق ضغوطات بضعة أقطاب، تاريخهم اقترن بالكانتونات والدويلات التقسيمية، وكفى الجمعيات غير الحكومية أن تكون الستائر التي تحجب الغرف الحزبية السوداء، التي تُدير الثورات المشبوهة وتُموِّل قُطُاع الطرق، وتبرر لنفسها كل المحظورات لتقويض الدولة، ولامست الحضيض في الإنتماء الوطني، الى درجة تقديس "الكلب التشيلي" القادرعلى رصد ما تحت الركام وشمّ الروائح، لكنه يبقى عاجزاً عن كشف أرخص العملاء و"شمشمة" الدولار الأميركي في جيوب أبناء الحرام...  


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل