مجتمع المقاومة ... بين المبادئ والامن الاجتماعي ـ د. نسيب حطيط

الجمعة 11 أيلول , 2020 11:04 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يعيش مجتمع المقاومة حالة استنفار وقلق دائم منذ العام 1975 تاريخ الحرب الأهلية والتي سبقتها مرحلة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي من جبهة الجنوب وقد تعرّض اهل المقاومة لاجتياحي عام 1978 و1982 وعناقيد الغضب 1993 وحرب 2006..بالاضافة للمعارك بين رفاق الخندق الواحد مع الفلسطينيين والحركة الوطنية وما نتج عنه من خسائر بشرية ومادية وتشققات في النسيج المجتمعي والأسري والفكري .

يعيش مجتمع المقاومة حالة حرب دائمة منذ اغتصاب فلسطين في العام 1948 بالتلازم مع حالة الحرمان عن سابق تصوّر وتصميم من قبل السلطة اللبنانية منذ استقلال لبنان حتى تاريخ الحرب الاهلية تاريخ انهيار الدولة اللبنانية والتي تم تجميع اشلائها في اتفاق الطائف لكنها بقيت "دولة معوّقة" من ذوي الاحتياجات الخاصة التي لا تستطيع إدارة البلد بل تعمل "كهيئة تنسيق" بين الطوائف مع الحفاظ الشكلي على المؤسسات والعملية السياسية الديمقراطية.

لقد تحمّل اهل المقاومة وزر واعباء حماية القضية الفلسطينية واحتضان المقاومة الفلسطينية منذ نفي المقاومة الفلسطينية من الأردن بعد احداث أيلول الأسود في العام 1970 وعلى رأسها حركة فتح ثم احتضنت المبعدين الفلسطينيين في مرج الزهور عام 1992 وهم من القيادة المركزية لحركتي حماس والجهاد .

تحمل أهل المقاومة على اختلاف تنظيماتهم وهم في اغلبيتهم من بيئة مذهبية وجغرافية واحدة وزر وأعباء وتضحيات مقاومة الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 واستطاعوا تحرير الجنوب عام 2000 في اول ظاهرة عربية باسترجاع وتحرير الأرض المحتلة دون مفاوضات او تنازلات ولا اتفاقية سلام او صلح وفرضت الانسحاب الإسرائيلي تحت النار في مشهدية استثنائية حفرت ندوب الهزيمة في الذاكرة الصهيونية وهشّمت منظومة ثقافة التفوق الإسرائيلي ومتلازمة "الجيش الذي لا يقهر" مقابل اثمان باهظة دفعها كل عناصر المجتمع المقاوم من الأطفال والبيوت والنساء والشباب والبيوت والارزاق، وصارت الجنائز طقسا يوميا لا يفارق القرى وتوسعت المقابر لاحتضان جثامين الشهداء بالتلازم مع تعالي بعض قصور المقاولين بدماء المقاومين وصار اللون الأسود لون الجنوبيين واهل المقاومة الذي يخرقه من وقت لآخر لون فساتين الأعراس البيضاء وسط ضباب الحزن المقيم ي الديار والساحات.

تم حصار المهاجرين والتضييق عليهم بمنع التاشيرات او بمصادرة أموالهم في الخليج وطردهم من منازلهم واعمالهم بطريقة بوليسية دون محاكمات ودون ان يُسألوا عن افعالهم ... يكفي ان يرن جرس الهاتف الثابت او المحمول ويتم ابلاغ المتلقي المتهم بدعم المقاومة ان طائرة الترحيل تنتظره خلال ساعات ولا يستطيع جمع أمواله او ثيابه او الحصول على راتبه او شهادات وافادات أولاده المدرسية او الجامعية ..

لقد تم تدمير منازلهم طوال ستين عاما في الجنوب واحتلت إسرائيل قراهم وهدمت بعضها بالكامل وارتكبت المجازر من مجزرة حولا عام 1948 الى مجزرة الخيام الى العباسية الى الدوير والنبطية الفوقا الى مجازر قانا المتكررة الى الاوزاعي الى مجازر لم تعرَف ولم يعلن عنها، كما تم اعتقال الآلاف من اهل الجنوب توزعوا على معتقلات "انصار" "والخيام" و "الريجي" و "عتليت" وغيرها من السجون الإسرائيلية وفي لبنان وفلسطين المحتلة وبقي نصف الجنوب او اكثر تحت الاحتلال والقهر والترهيب اكثر من 22 عاما والجنوبيون وحدهم في الميدان مع بعض الوطنيين من مناطق أخرى لكن ساحة القتل والتدمير كانت في الجنوب ..

تصدعت المنازل وخزانات الماء من اختراق جدار الصوت، الوجبة اليومية من الخوف والازعاج ..يعرف الأطفال أصوات القذائف ويميّزون أصوات جدار الصوت من القصف المدفعي او الجوي لأنهم يسمعونه اكثر من حداء الأمهات واغانيهم القروية وربما استشهدت الأمهات وهن يغنين او يرضعن اطفالهن..

بعد كل هذا الصبر والتضحيات والشجاعة ..وبما ان الحرب طويلة ومعاركها متعددة .لا بد من الإلتفات للامن الاجتماعي والمعيشي والمعنوي للناس حتى تستطيع الصمود للمعارك القادمة وحتى يقل عدد المتساقطين على الطريق بسبب الجوع والحاجة والخوف ..مع السلاح لا بد من قليل من قطران الاقتصاد ومكافحة الفساد باسم المقاومين لتحصين الجبهة الداخلية لهزيمة المشاريع الخارجية ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل