مجلس الشيوخ .. مشكلة كبرى أم حل؟ ـ أحمد زين الدين

السبت 03 تشرين الأول , 2020 10:30 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

دعيت لجان: المال والموازنة، الإدارة والعدل، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابية لاجتماع في السابع من تشرين الأول الجاري لدرس جدول أعمال من بينها مشروع قانون مقدم من النائبين أنور الخليل وابراهيم عازار لدرس انتخاب أعضاء مجلس للشيوخ.

صحيح أن إنشاء مجلس للشيوخ كان أحد مقررات اتفاق الطائف، ومهمته كما جاء في المادة 22 من الدستور: "مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية".

ثمة سؤال يطرح هنا، هل يمكن البحث في إنشاء هذا المجلس قبل انتخاب مجلس نيابي على أساس وطني؟!، المادة الدستورية واضحة ولا تحتمل أي تأويل، من يبحث في هذا الأمر هومجلس نواب تم انتخابه على أساس إلغاء الطائفية السياسية.

إلى ذلك، فإن مثل هذا المجلس، سيكون له تبعات على الحياة العامة والسياسية، أبرزها:

1 - أن قيام مجلس شيوخ، يفترض أن يتوفر له مبنى خاص به، وطاقم وظيفي وإداري وأمني، إضافة إلى أعضاء المجلس، مما يفترض موازنة كبرى، في وقت ينوء فيه البلد تحت عجز كبير ومديونية مرهقة.

2- وفقاً لنص المادة 22 ـ دستور، فإن صلاحياته تنحصر في القضايا المصيرية، فمن يدري إذا لم يعتبر أعضاء مجلس الشيوخ تعيين مدير عام، أو سفير، على سبيل المثال لا الحصر قضية مصيرية.

3 - من سيرأس هذا المجلس ومن أي طائفة؟

فإذا كان المبدأ القائم على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين،  فإنه باستحداث هذا المجلس يصبح لدى لبنان أربع رئاسات، تفترض أن يكون رئيسان مسيحيان ورئيسان مسلمان، وإذا اعتبر أن الرئيس يفترض أن يكون حسب الطائفة الرابعة (بعد الماروني، والسني والشيعي) بعدد الناخبين، فإنه يفترض أن يكون للارثوذكس، لأنه حسب آخر إحصاء انتخابي فإن العدد هو على الشكل الآتي:

الناخبون المسلمون

1,085,164 ناخباً مسلماً سنياً

1,068,274 ناخباً مسلماً شيعياً

206,894 ناخباً درزياً

31,629 ناخباً علوياً

الناخبون المسيحيون

725,535 ناخباً مارونياً

257,713 ناخباً أرثوذكسياً

172,450 ناخباً كاثوليكياً

87,679 ناخباً أرمنياً أرثوذكسياً

19,566 ناخباً أرمنياً كاثوليكياً

19,016 ناخباً  انجيليا

30,681 سريان

21,870 أقليات.

هنا يتضح أن الارثوذكس هم الأحق برئاسة هذا المجلس سواء لناحية المناصفة، أم بالنسبة لعدد الناخبين، فمن يُقنع وليد جنبلاط وطلال ارسلان، ووئام وهاب بذلك؟!

وفي المناسبة، لقد عرف لبنان في زمن الإنتداب الفرنسي مثل هذا المجلس، ورغم أن الانتداب كان هو سيد الحياة السياسية، يُعين ويقيل من يشاء، إلَّا أن وجود مجلسين تسبب في شلل الحياة السياسية والتشريعية، ففي19 أيار، 1926أقر المجلس التأسيسي دستور لبنان، وفي 23 منه أعلن المفوض السامي هنري دي جوفنيل الدستور، ووضعه موضع التنفيذ فوراً.

واصبح للبنان للمرة الأولى في التاريخ دستور بالمعنى الحديث لهذه الكلمة. وقد لحظ الدستور آنئذ وجود مجلسين: واحد للنواب وآخر للشيوخ مؤلف من 16 شيخاً.

وبهذا تحول المجلس التأسيسي إلى مجلس للنواب، كما عين دي جوفنيل بقرار 16 شيخاً، وفي 26 أيار 1926، دعي المجلسان إلى مجمع نيابي لانتخاب أول رئيس للجمهورية، فانتخب ناظر العدلية آنئذ شارل دباس الذي اختاره المندوب السامي الفرنسي، لمدة ثلاث سنوات.

بعد مضي نحو عام، كشف الاختبار العملي مواطن الضعف في الدستور، واظهر نقائص التنظيم الجديد، وكان من أبرز هذه النقائص التوتر الشديد الذي ساد جو العلاقات بين مجلسي الشيوخ والنواب، وهكذا صارت القوانين تتراوح بين المجلسين، فيقر هذا المجلس قانوناً فيرفضة ذاك، مما هدد بشلل دستوري. وفي أوائل أيار 1927 بلغت الأزمة ذروتها باتخاذ مجلس الشيوخ الذي كان يضم أكثرية معارضة للحكومة، قراراً برفض التعاون مع كل حكومة يفوق عدد أعضائها ثلاثة وزراء. آنئذ كانت الحكومة سباعية، فاستقالت، لكن الحكومة الجديدة التي شكلت جاءت أيضاً سباعية، ونالت ثقة المجلسين. أما مجلس الشيوخ فلم يكف عن ممارسة اساليب الضغط لاحراج الحكومة، فتأخر البتّ بشأن مشروع موازنة العام 1927 تأخراً غير عادي، وكادت أعمال الدولة تصاب بالشلل والارتباك.

آنئذ، قرر رئيس الجمهورية تعديل الدستور لاصلاح ماكان قد ظهر من خلل، وبالاتفاق مع المفوض السامي الفرنسي والحكومة عرض مشروع التعديل على المجلسين، كل على حدة، فأقراه، ثم عرض عليهما مجتمعين فأقراه في 17 تشرين الأول 1927 وكان ذلك أول تعديل ادخل على الدستور وأطوله، أما أهم الموضوعات التي تناولها هذا التعديل فهي:

الغاء مجلس الشيوخ وحصر السلطة التشريعية بمجلس النواب وحده (المادة 16).


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل