أذربيجان.. بوابة الحرب الأميركية في القوقاز ـ د. نسيب حطيط

الأربعاء 07 تشرين الأول , 2020 06:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعد مائة عام  بادرت أميركا بذراعها العسكري والديني التركي لتأخذ المسار العسكري الذي أعلنه ( فلاديمير لينين)  في العام 1920 حيث قال: (هناك ما يبرر الغزو السوفياتي -لأذربيجان- حيث إن روسيا السوفياتية لا تستطيع البقاء على قيد الحياة بدون نفط باكو) .وفي الحرب العالمية الثانية ، لعبت أذربيجان دوراً حاسماً في سياسة الطاقة الاستراتيجية للاتحاد السوفياتي حيث قدمت "باكو" معظم نفط الاتحاد السوفياتي على الجبهة الشرقية. وأسس ستالين للفتن بين أرمينيا وأذربيجان حيث أعطى إقليم "ناغورني كاراباخ " الذي تسكنه الأغلبية الأرمنية الحكم الذاتي في وسط أذربيجان وأعطى إقليم (ناخجوان)  الذي تسكنه الأغلبية الآذرية الحكم الذاتي لتبقى المشاكل قائمة وليبقى القرار السوفياتي السابق  هو المتحكم بقرار الجمهوريتين!

فجأة اشتعلت الحرب الأذربيجانية – الأرمنية  بعد حوال عشرين عاماً من الهدوء والمساكنة الحذرة  ضمن سياق الحشد للانتخابات الأميركية التي يريد الرئيس "ترامب" الفوز بها مهما كان الثمن وبالأساليب المشروعة وغير المشروعة بالمفاوضات والكذب والحرب وكل شيء يمكنه استعماله ولكل محور من محاور حربه للعودة للسلطة أدواته  وشعاراته وأهدافه العلنية الخادعة وتمثل تركيا "الجندي" المثالي في الشرق الأوسط والمنطقة عبر ذراعها الديني المتمثل بجماعة الإخوان المسلمين وبأذرعها التكفيرية المتعددة وبتاريخها العثماني السلطوي ،حيث يتنقل "السلطان أردوغان" من ميادين سوريا إلى العراق الى ليبيا ومصر إلى لبنان وأذربيجان وإلى غزة وكل ساحة تحتاجها الولايات المتحدة الأميركية بصفته الجندي المطيع في حلف الناتو ..ولذا توجه إلى أذربيجان التي رأى أنه يستطيع الدخول من بوابتها إلى الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد الروسي نظراً للجذور القومية لشعوبها وللمظلومية التاريخية التي تعرض لها شعوبها أيام الحكم السوفياتي الشيوعي ونتيجة للخطط الأميركية التي تريد حصار روسيا بعد استفاقتها ولاطباق الحصار على إيران ولذا اشتعلت الحرب الآن لسببين :

- اقتصادي و جيو-سياسي حيث إن ثروة أذربيجان من النفط والغاز تحتاجه تركيا لمعالجة وضعها الاقتصادي المتدهور وتحتاجه إسرائيل وأميركا أيضاً من الناحية العسكرية والاقتصادية والوصول إلى الجمهوريات السوفياتية الإسلامية وايران.

-السبب الثاني ديني حيث تسعى تركيا إلى نشر المذهب السني بدل الشيعي في أذربيجان بالتعاون مع إلهام علييف رئيس الجمهورية لتأمين مفتاح الجمهوريات الإسلامية الروسية قيرغيستان وتركمانستان واوزبكستان وطاجيكستان وبقية الدول التي يتحدر شعوبها من جذور تركية لأن بقاء المذهب الشيعي في أذربيجان سيجهض مستقبلاً المشروع الأميركي في القوقاز نتيجة العلاقات المذهبية والسياسية مع إيران والعراق وغيرها .

إن الحرب الآذرية –الأرمنية تسقط وتجهض شعارات الجماعات التكفيرية وتؤكد أن أميركا تستخدم الصراع الديني والمذهبي لتأمين مصالحها الأمنية والاقتصادية و والسياسية فعندما تكمن مصلحتها حشد الجماعات التكفيرية بمواجهة الشيعة في العراق ولبنان وإيران أو ضد العلويين في سوريا أو ضد الأقباط في مصر فإن شعاراتهم وعلماءهم يحشدون الأحاديث والخطب من أجل ذلك أما اذا كانت المصلحة الأميركية_الإسرائيلية تستدعي أن تقاتل الجماعات التكفيرية مع أذربيجان الشيعية ضد أرمينيا لزراعة الفكر التكفيري وتأسيس جمهورية التكفيريين في (ناغورني  كاراباخ )ليتم توسعتها فيما بعد لإسقاط أذربيجان ويقية الجمهوريات الإسلامية المنضوية تحت الإتحاد الروسي فلا بأس من حشد هذه الجماعات التكفيرية هناك.

بعد اقل من أسبوعين بدأ الحراك الأميركي في جمهورية ثانية بعد أذربيجان عبر بوابة المعارضة في قيرغستان حيث تشهد البلاد انقلابا لو نجح فإن الخاسر الكبير هي روسيا التي ستخسر جمهورية حليفة وموقعا جيو- سياسي وعسكري مهم مما يزيد الخطر على خسارتها النفوذ في الجمهوربات الإسلامية في القوقاز التي يتغلغل فيها المال الوهابي والإسلام التركي .ويسهل تقدمة المظلومية التاريخية التي تعرض لها المسلمون .

لقد بادرت اميركا لفتح جبهة حرب جديدة تضاف الى جبهة الشرق الأوسط في اسيا الوسطى للتعويض عن خسارتها في الربيع العربي وللمقايضة باستعادة ما خسرته وخصوصا في سوريا ..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل