من يراهن على نتائج الانتخابات الأميركية .. خائب و خاسر ـ رامز مصطفى

الإثنين 02 تشرين الثاني , 2020 02:31 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

الانتخابات الأميركية التي ستجري بعد ساعات، ليست كسائر الانتخابات التي تجري في كل دول العالم، بما فيها الدول العظمى. وهي أشبه بلعبة سباق الخيل، التي تجذب الكثير من المراهنين على أيٍ من تلك الخيول ستفوز في نهاية السباق. فالخيول هنا الحزب الجمهوري بمرشحه دونالد ترامب، والحزب الديمقراطي بمرشحه جون بايدن، والمراهنون زعماء ورؤساء دول وأحزاب في العالم، بأيديولوجياتهم واقتصادياتهم وخياراتهم ومعسكراتهم، وبتنوع ثقافاتهم ودياناتهم ولغاتهم، وتلونهم العرقي والإثني والطائفي والمذهبي، وبتوحشهم وطغيانهم وفاشيتهم. وكلٍّ من خلفية حساباته ومصالحه.
من بين كل هؤلاء المراهنين، تقف السلطة الفلسطينية بينهم يتيمة في بازار الرهانات الخاسرة على تلك الإدارة ، سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية ، لأنهما يضعان في أولوياتهم كيفية كسب الصوت اليهودي كضمانة لنجاحه ووصوله إلى البيت الأبيض . ولو عدنا 29 عاماً من اليوم ، فإنّ من رعى مؤتمر مدريد للتسوية في أوائل التسعينات ، وجمع فيه العرب ، بما فيهم قيادات فلسطينية ، مع قادة الكيان الصهيوني ، هو جورج بوش الأب الجمهوري . وبيل كلينتون الديمقراطي ، هو من رعى التوقيع على اتفاقات " أوسلو " العام 1993 ، وهو أيضاً الذي جهد لفرض تسوية نهائية في كامب ديفيد لصالح العدو الصهيوني ، والتي كان مقرراً لها أمريكياً وصهيونياً ، أن تنتهي بالتنازل عن القدس والتخلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين . أوليس الجمهوري بوش الإبن ، هو من رعى مؤتمر أنابوليس في تشرين الثاني من العام 2007 ، لفرضّ خارطة طريق ، تتفق ورؤية الكيان على حل الصراع على حساب الفلسطينيين ، من خلال ما سمي ب" حل الدولتين " . وبالتالي هو من دمّر العراق واحتلت جيوشه هذا البلد العربي ، ونهب ثرواته النفطية ومقدراته ، وقتل ما يُقارب المليون عراقي ، بذريعة الأسلحة الكيماوية ، ثبُتّ كذبها على لسان كولن باول الذي كان يشغل وزيراً لخارجية إدارة بوش الإبن ، الذي اعترف أنّ المخابرات المركزية قد قدمت له أدلة مفبركة لا تمت للحقيقة بشيء . وذات الإدارة ورئيسها هي من غطت العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006 ، لتحقيق أهداف اعترف إليوت أبرامز نائب مستشار الأمن القومي ، حين كتب : " فشل الجيش الإسرائيلي في إلحاق الهزيمة بحزب الله عام 2006 ، منعَ الولايات المتحدة من تحقيق الأهداف السياسية المرسومة للحرب ، في لبنان والمنطقة " .
أما الرئيس أوباما الديمقراطي ، وعلى الرغم من التزامه حل الدولتين ، غير أنه قد ذهب في تصريحاته إلى فقدان الأمل به ، بعد الزيارات المكوكية لوزير خارجيته جون كيري ، الذي قاد مفاوضات بين السلطة والكيان الصهيوني في نيسان 2014 ، وصلت إلى طريق مسدود . وهي من عمدت إلى إشهار الفيتو ضد عضوية فلسطين في اليونسكو ، والتهديد بإشهاره ضد طلب التصويت على عضوية دولة فلسطينية في الأمم المتحدة ، وإقرار قانون بعدم الاعتراف بقضية اللاجئين الفلسطينيين ، والتلويح بوقف مساهماتها المالية للأمم المتحدة في حال تمرير الطلب . وكذلك استصدار قرار بعدم مقاطعة المنتوجات الزراعية للمستوطنات ، ومعاملتها كالمنتوجات الزراعية في الكيان ، وتقديم المزيد من المساعدات للكيان ، والتزامه أمن الكيان ، والاستمرار في جعله متفوق عسكرياً ، على الرغم من الخلافات الحادة بينه وبين نتنياهو . وبالتالي من دمر المنطقة تحت أكذوبة ما يسمى ب" الربيع العربي " ، بهدف تقسيمها على أساس عرقي وإثني وطائفي ومذهبي ، واستجلاب كل مرتزقة وإرهابيي العالم إلى سوريا لإسقاطها . ومن أوجد داعش ، حيث اعترفت  هيلاري كلينتون يوم كانت وزيرة للخارجية في عهد أوباما ، في كتابها " خيارات صعبة " ، " أنّ أمريكَا قد درست هذا المشروع وأحالته على التنفيذ ، وقد كان منتظراً أن تقام هذه الدولة بسيناء المصريّة ، غيرّ أنّ المخطط قد فشل بقيام الحراك المصريّ الذي أسقط الرئيس السابق محمّد مرسِي " . وتضيف " شاركنا في ما جرى بالعراق وسورية وليبيا، لكنّ ما قام بمصر أضاع كلّ شيء.. وقد فكرنا في استخدام القوّة ، لكنّ الجيش المصري فطن لتحركاتنا بمياه البحر الأبيض المتوسط قبالة الإسكندريّة ، جعلنا ننسحب لمعاودة إستراتيجياتنا " . وهذا ما دفع المرشح الجمهوري للرئاسة في البيت الأبيض جيب بوش ، شقيق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ، إلى تحميل إدارة باراك أوباما مسؤولية انتشار التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط .
ولا داعي للتذكير بما قامت به إدارة الرئيس ترامب الجمهورية من سياسات صبت جميعها في صالح كيان الاحتلال الصهيوني على حساب عناوين القضية الفلسطينية ، عبرّ ما سمي ب" صفقة القرن وخطة الضّم " ، وبالتالي دفع العديد من الدول العربية إلى التوقيع على اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني .
إذا كانت هناك ثمة من رهانات على الانتخابات الأمريكية التي ستجري بعد ساعات ، من قبل السلطة الفلسطينية ورئيسها وفريقه السياسي ، فهي خائبة وخاسرة ، ولن تقدم للقضية إلاّ المزيد من التبديد وإضاعة الوقت الذي ينفذ على حساب حقوقنا وتطلعاتنا . فكلا الحزبين وجهان لعملة صهيونية واحدة ، الفارق الوحيد بينهما في وضوح السياسات الأيلة للتطبيق ، فإدارة الرئيس ترامب تعاطت بوضوح وصل حد الفجور في تعاطيها مع قضيتنا وقضايا المنطقة عموماً . وإذا ما نجح جون بايدن الديمقراطي ، ستلبس إدارته القفازات لتكمل ما بدأته إدارة الرئيس ترامب .
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل