أميركا وصراعات ما بعد الانتخابات .. من يدفع الاثمان ؟ ـ يونس عودة

الثلاثاء 03 تشرين الثاني , 2020 10:51 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بغض النظر عما ستؤول اليه الانتخابات الاميركية ، ومن سيكون الفائز، والتداعيات على اسعار النفط ، والانعكاسات الداخلية بعد اعلان الفائز ، ولاسيما اذا هزم جو بايدن الرئيس الحالي دونالد ترامب ، المتوحش للبقاء في السلطة ، فان الدولة العميقة بروحها ونهجها الاستعماري ، تواصل حبك التوترات في العالم ، انطلاقا من رفضها الاقرار بحق التنافس الاخلاقي والسياسي والاقتصادي بين الدول ، ولذلك يتسع معسكر العداء لاميركا، ولا سيما من شعوب الكرة الارضية بسبب السياسات الغاشمة التي لا تقيم قدرا الا للقوة .بالتوازي مع التمادي في محاولات شق الفرقة، والشقاق بين الدول المتجاورة وفقاً لمبدأ "فرق تسد".

هذا الامر اكثر ما يمكن ملاحظته في السياسة الاميركية حاليا ، ما يجري ما بين الصين والهند، بحيث عملت واشنطن على الاصطياد بالماء العكر بين اكبر دولتين في التعداد السكاني ، فهما يشكلان اكثر من ثلث البشرية ، ويملك كلاهما قوة نووية ، وان لا تقاس بما تملكه كل من روسيا والولايات المتحدة.

لقد سارعت الولايات المتحدة، التي تصارع الصين على الاقتصاد العالمي ، الى استغلال حادث حدودي بين البلدين له ابعاد تاريخية ، والقت اغراءات توريطية للهند - الصديقة لروسيا- من أجل استقطابها بحيث تضرب عصفورين بحجر واحد ،وهي التي تسعى منذ زمن بعيد لخطب ود الهند، لرغبتها الجامحة في تشكيل كتلة مناهضة للصين معها، وبالتالي تسعير الوضع مع الصين من جهة ، وضرب صداقة الهند مع روسيا عبر تكبيلها باتفاقات عسكرية مبطنة  .

لقد وقعت الهند في مطب الاغراء الاميركي فوقع وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ ووزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر ما يسمى بالاتفاقية الأساسية للتعاون وتبادل المعلومات. اي انها "زحَّطت" القيادة الهندية الجديدة بقشرة الموز الاميركية، رغم ان الهند بقيت لفترة طويلة تحاول عدم الانحياز، مع مواصلة التعاون مع روسيا حيثما كان ذلك ممكنا، ومع الولايات المتحدة حيث تدعو الحاجة ، لكن الان وعبر تراكمات يبنون تعاونا مناهضا للصين. وبالتالي باتت الهند امام معضلة اتخاذ خيار صعب، وهي المدركة تماما ان روسيا لا يمكن ان تتخلى عن صداقتها مع الصين والتي تتحول اكثر فاكثر الى علاقات استراتيجية ، ما دامت واشنطن تصنفهما العدوين الاولين ، وفشلها في تطويع الموقف الروسي ضد الصين .

اللافت في ذروة الانشغالات العالمية، سواء فيما خص الارهاب المنتج اميركيا ، وضرورة التعاون الدولي من أجل كبحه واجتثاثه ، وكذلك في البحث عن علاج لجائحة كورونا ،قيام وزير الدفاع الاميركي مارك إسبربتوقيع قرار ، يقضي بأن يشغل عسكريون برتب عميد وعقيد بحري وليس جنرال أو أدميرال، مناصب الملحقين العسكريين في ثماني دول من الحلفاء الاستراتيجين لأمريكا، وهي السعودية ومصر وباكستان وبريطانيا والإمارات والكويت والعراق وتركيا.وقد تم بالفعل ايضا استدعاء الملحقين العسكريين من عدة سفارات أميركية في دول غرب إفريقيا، بما فيها غانا وغينيا الاستوائية.

 

وحسب مصادر نقلت عنها "وول ستريت"، فإن هذا القرار ضروري لإعادة توزيع الموارد لمواجهة الصين وروسيا في الساحة الجيوسياسية، والامتثال للقيود التي فرضها الكونغرس على عدد من الجنرالات والأدميرالات في الجيش الأمريكي، ومن المحتمل أن يتم تعيين ملحقين عسكريين برتب أعلى في بعض دول آسيا والمحيط الهادئ، التي تأمل الولايات المتحدة في تعزيز العلاقات معها لمواجهة النفوذ الصيني". وحكما الروسي، اضافة الى الضغط المتواصل على روسيا مع الاستفزازات البحرية والجوية ، وبما يتعلق بمعاهدة الاسلحة النووية بشقيها ، ونشر قوات وأسلحة سواء في اوروبا الشرقية او دول بلطيقية ، وليس اخرها واهمها بمحاولات ضرب ومنع التقارب بين دول الاتحاد الاوروبي وروسيا لمنع عمل خط السيل الشمالي ، ولم تتوان الولايات المتحدة، عن استخدام لغة القوة التهديد ضد الدول "الصديقة"، و فرض عقوبات على الشركات من الدول الحليفة لمجرد أنها تعمل في "السيل الشمالي- 2".

لا شك ان المرحلة المقبلة ستشهد ولادة نهج في الولايات المتحدة يمكن ان تلعب دورا فيه الادارة المقبلة ، فاذا فاز ترامب بالرئاسة وفاز الجمهوريون بمجلس الشيوخ، فيتوقع أن يستمر النهج، مع بعض الدسم. أما إذا فاز ترامب بالبيت الأبيض وفاز الديمقراطيون بمجلس الشيوخ، فستجمد الأمور، لأن الديمقراطيين سيستخدمون كل قضية سياسية ممكنة لإفشال ترامب، وستكون العلاقات مع روسيا واحدة من أكبر القضايا بالنسبة لهم.

اما إذا فاز بايدن، سنكون في عالم جديد تماما للمحافظين الجدد. إنه يرى في روسيا تهديدا للقيم الديمقراطية الليبرالية وسيصر على أن تكون السياسة الخارجية مناوئة لموسكو .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل