الاحتدام الروسي ـ الاميركي .. مظاهره والنتائج ـ يونس عودة

الثلاثاء 20 نيسان , 2021 10:53 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ارتفعت نسبة الاحتدام الاميركي - الروسي الى ذروة خطيرة, مما يهدد الاستقرار العالمي المهتز أصلاً جراء الازمة الاقتصادية والمالية, وفوقها جائحة كورونا , أو بسبب الصراع على الموارد والممرات التجارية العالمية .
ربما كان العالم قد شهد احتداماً كبيراً يشبه الوضع الحالي على ضوء سياسة الولايات المتحدة الولادة للازمات, الا ان هذه المرة تختلف بشقيها, الدبلوماسي - السياسي - الاقتصادي من جهة, والحركة العسكرية الأمنية, مع ذروة في التحريض ومحاولات دفع الحلفاء - او ادوات الولايات المتحدة من النظم التي كانت جزءا من حلف وارسو من جهة ثانية, للاصطدام بروسيا التي كانت تعتبر الاخ الاكبر , او الرفيق الاكبر .
ففي موازاة دفع الولايات المتحدة وحلفها الاطلسي الأساطيل إلى البحر الاسود بحجة مساندة اوكرانيا, وإعلان بريطانيا عن ارسال سفينتي مؤازرة لاوكرانيا بعدما  تحولت لندن الى تابع كامل الاوصاف  لاميركا , مع هامش مستقل في التحريض والتاليب على روسيا. لا تترك الولايات المتحدة سانحة من دون تحريض حلفائها الجدد, مواكبة ذلك ببرنامج عقوبات لا يعرف أصله من فصله وعلى ما يستند. 
اخر فصول حفلة الشيطنة لروسيا, إعلان تشيكيا طرد 18 دبلوماسيا روسيا , والذريعة ان اثنين من عناصر المخابرات الروسية زارا  عام 2014 مستودع ذخيرة في قرية فربيتيتسي التشيكية, قبل انفجاره بيومين , وهما ألكسندر بيتروف، وروسلان بشيروف، وما يثير الدهشة ان بيتروف وبشيروف كانا قد زارا المصنع بشكل قانوني ورسمي وفق طلب مقدم الى السلطات التشيكية , وهذا يعني ان الأمن التشيكي واكبهما, وبقي لصيقا بهما الى ان غادرا , وهذه  ليست معادلة فيزيائية, الا ان الغريب اكثر ان متهمي براغ هما من اتهمتها  بريطانيا  بتسميم العميل الروسي السابق، سيرغي سكريبال، الذي خان بلاده وجنّدته المخابرات البريطانية. ورفضت لندن حينها التعاون عبر لجنة تحقيق لجلاء الامر .
ان اعادة تظهير  بيتروف مع بشيروف في التهمة التشيكية ومن دون اي دليل واتخاذ قرار بطرد 18 دبلوماسيا روسيا , من دون قضية متينة تعيدنا الى مربع شيطنة روسيا بمسائل سخيفة، لكنها يمكن ان تؤدي الى حروب ضروس , او على الاقل الى عداوات طويلة المدى , وهذا ما حصل في العراق بتهمة حيازة نظام صدام حسين اسلحة دمار شامل , ولا يزال العراق في حروب مستمرة منذ 18 عاما , لانه لم ينصع لارادة واشنطن في مسألة واحدة.
ولان "المريب يكاد ان يقول خذزني" , فان المؤازرة للفتنة لم تتأخر, فقد  أعرب حلف الناتو باسرع من الضوء, عن دعمه لحكومة جمهورية التشيك في قرارها طرد 18 دبلوماسيا روسيا، وقال متحدث باسم حلف شمال الأطلسي بأن الناتو يدعم جهود السلطات التشيكية الرامية للتحقيق في "أنشطة روسية خبيثة في أراضيها" ومحاربتها.وقد سبقت مؤازرة الاطلسي لتشيكيا رد الفعل الروسي نفسه بحيث وصفت موسكو قرار الحكومة التشيكية بأنه "غير مسبوق"، وان قناعتها بوجود بصمات أميركية فيه لا ريب فيها، وتعهدت بأن إجراء براغ هذا لن يبقى من دون رد. مشيرة إلى أن هذا الإجراء يأتي تحت ذرائع واهية بشأن تورط الاستخبارات الروسية في الانفجار .الا ان السلوك الدبلوماسي يعطي موسكو اليد العليا وان كان الموقف غير مناسب فالبروتوكول الدبلوماسي يقضي بطرد عدد مماثل من الدبلوماسيين التشيك، وربما عدد أكبر، إذا ما رغبت موسكو في إظهار مزيد من الحسم والصلابة. هذا ما حدث منذ أيام، حينما ردّت موسكو على طرد بولندا 3 دبلوماسيين روس بطرد 5 دبلوماسيين بولنديين., فالبعثات الدبلوماسية التشيكية في روسيا قد لا يكون لديها ما يكفي لطرد هذا العدد من الدبلوماسيين، أو على أي حال، قد لا يكفي من يتبقى من هذه البعثات لأداء عملها الطبيعي.
ان نهج طرد الدبلوماسيين الروس , واقفال بعض المراكز الروسية اطلقته واشنطن مع التضييق على الدبلوماسيين وكذلك العقوبات، في وقت تتوزع الخلافات بين موسكو وواشنطن على عشرات الملفات الدولية  , ولذلك يمكن ان تعمم واشنطن اداءها ليس فقط في اوروبا الشرقية , بل يمكن ان تحرك دماها في البلاد العربية للغاية نفسها , مع انسداد افق مصداقية الولايات المتحدة بعد تجارب عديدة وابرزها التجربة السورية التي قامت على أكاذيب , يدفع الشعب السوري من دمه واقتصاده وثرواته ثمنا لاكاذيب واشنطن المستمرة فصولا .
في خلاصة الامر ان الاحتدام سيرتفع ويأخذ أشكالا وخطوات بعضها سيكون مفاجئا , ما لم تقر واشنطن , ان يدها لن تبقى العليا, وان في العالم ايضا اقطابا اخرين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل