الفرز السياسي الجديد في لبنان ـ د.ليلى نقولا

الإثنين 28 حزيران , 2021 10:22 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

من الواضح ان المشاكل التي حصلت خلال السنوات الخمس المنصرمة، أي منذ نهاية عام ٢٠١٦ ولغاية اليوم قد أفرزت تحالفات جديدة ولو غير معلنة، وستفرز قوى جديدة يُنتظر ان تبلور نفسها في الانتخابات النيابية القادمة.
ونذكر بالتحديد عام ٢٠١٦، لأنه العام الذي قامت فيه تسوية سياسية بين جبران باسيل وسعد الحريري أدّت الى انتخاب الرئيس عون رئيسًا لجمهورية لبنان، وسعد الحريري رئيسًا للحكومة.
وبالرغم من دخول "القوات اللبنانية" طرفاً في تلك التسوية بدليل موافقتها على وصول العماد عون الى الرئاسة وتسهيلها لتشكيل الحكومة وحصولها على حصة وزارية وازنة، اتهم البعض باسيل بتأمينها لها، بناءً على اتفاق سابق بين الطرفين. لكن الأمور تطورت وعادت "القوات" وتراجعت عن دعم التسوية الرئاسية، بعدما شعرت السعودية بأن موافقتها على تلك التسوية كانت خطأ، واستغل ولي العهد السعودي تغير الادارة الاميركية فاستدعى الحريري الى الرياض وأجبره على اعلان بيان استقالته.
وتفاعلت الامور في لبنان، وتم تحرير الحريري، الامر الذي انسحب على الانتخابات النيابية التي خلطت الاوراق وجعلت المحور الاميركي - السعودي يخسر غالبيته النيابية، ما جعل لبنان جزءًا من ضغوط ترامب القصوى.
 وكانت خطة بومبيو التي أعلن عنها في آذار ٢٠١٩، والتي بموجبها تمّ تجفيف العملات الصعبة من لبنان والسيطرة على التحويلات المالية وسواها من الضغوط المالية والاقتصادية والتي تهدف الى تجويع اللبنانيين وتركيعهم والتي أدّت الى انتفاضة ١٧ تشرين الاول.
اللافت ان تحالفاً سياسياً وقوى مجتمع مدني كانت خلف انتفاضة تشرين، فالاحزاب المنضوية في تحالف ١٤ آذار وبعض قوى ٨ آذار شكّلت عصب الانتفاضة، باستثناء قلة قليلة، كانت معظم اسماء الجمعيات التي شاركت في التظاهرات هي غطاء لقوى حزبية، لم تكن تستطيع تحشيد الناس باسمها الحقيقي.
على ما ظهر لاحقًا ، كان هدف الانتفاضة الاطاحة بطرفين: التيار الوطني الحر، و ح ز. ب الله. أي تقويض شعبية الطرفين، ومحاولة إيجاد أرضية سياسية لحشر ح ز ب الله، واجباره على تقديم تنازلات سياسية في ملفات داخلية واقليمية ، والضغط على رئيس الجمهورية لتقديم تنازلات في ملف التنقيب عن الغاز والحدود الجنوبية، وموضوع اللاجئين وسواها، وبعد فشل الانتفاضة في تحقيق اهدافها الرئيسية وفي ظل إستمرار الضغوط التي لا يبدو انها ستحقق تلك الاهداف،  يبدو ان القادم من الايام سيشهد خلطاً على مستوى التحالفات ، التي ستحضر نفسها للانتخابات النيابية القادمة، وذلك على الشكل التالي:
- ستقوم معظم الاحزاب بالمشاركة في الانتخابات ضمن اطارين: حزبي ومدني، أي ستعمد الى الاعلان عن نفسها حيث يكون من الأفضل لها انتخابيًا ان تشارك بصفتها الحزبية، بينما ستشارك باسم مجموعات من المجتمع المدني حيث يكون لها من الأفضل انتخابيًا أن تقوم بذلك.
- سيكون الدعم والتمويل الغربي ( الاوروبي والاميركي)  اطاراً تستخدمه الاحزاب ضمن "قواها المدنية" وقد يكون احد المؤشرات تلك اللقاءات التي قام بها السفير الفرنسي والتي شجع فيها تلك القوى على خوض الانتخابات للوصول الى التغيير، ويمكن ان يكون التمويل الخليجي وسواه للاطار الحزبي والمدني معاً.
- في اي انتخابات قادمة، سواء نقابية او جامعية او نيابية سيشهد اللبنانيون خلطاً في التحالفات، ولن يبقى من الاطر السياسية السابقة سوى هياكل، وستكون الانتهازية سيدة المواقف، فتتحالف قوى ما يسمى بالمعارضة مع قوى المجتمع المدني مع بعض احزاب السلطة، في خلطة عجيبة لا يبدو ان هدفها تطور لبنان نحو الافضل.
بالنتيجة، لا شكّ ان الدولة العميقة استطاعت في هذه الفترة ان تظهر بانها قادرة على التلوّن كالحرباء وانها قادرة على انتاج نفسها بأطر واشكال جديدة، وانها جاهزة لتكون عميلة كل عصر وكل استعمار جديد في لبنان.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل