في لبنان عجائب واحقاد .. وفي "اسرائيل" اقرار بالزوال‎‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 10 آب , 2021 10:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في لبنان يمكن لأي مخلوق، ان يرى العجائب، التي ولى زمانها في كل بلدان العالم، والمشكلة ان من يرى العجيبة، لا يندهش، مثله مثل مستحضرها، اذ لم يحصل في أي بلد ان طالب أحد من ابنائه، بوقف قتال محتل، او منع ايذاء العدو، من دون ان يرمش له جفن، ولو خجلا، ويطلب من رعاته، أو اصدقائه، الذين هم بالفطرة، وعن سابق تصور وتصميم، أصدقاء ورعاة عدو لبنان، اي الكيان الصهيوني، وقف الاعتداءات والانتهاكات، وخطف رعاة الماشية، وسرقة مواشيهم. 
في ذروة الازمة الداخلية اللبنانية غيرالمسبوقة، حكوميا، واقتصاديا، وماليا، واجتماعيا، وبالتأكيد ثقافيا، عادت مسألة الفوضى، من ضمن مسار ما سمي ب "الفوضى الخلاقة" لتكون في الصدارة، لكن هذه المرة، بوقاحة اشد من سابقاتها على المستوى الخارجي، أكان إسرائيليا، أم سعوديا، أم غربيا وفي المقدمة الولايات المتحدة الاميركية، صاحبة الفكرة المذكورة .  
ان الهدف الرئيسي، الوحيد، ليس فقط سلاح المقاومة الذي اذل المحتل، انما المقاومة كثقافة وطنية اثبتت نجاعتها في مواجهة الاحتلال، ومن وراء الاحتلال، وأدوات الاحتلال على المستوى الداخلي، الذين ينطلقون من مفاهيم استسلامية، وتبعية عمياء، واولئك يرددون بغباء، وباصرار على الغباء الذي تحول وظيفة سامة، ما ينطق به أعداء لبنان، وقاعدتهم التبريرية – ان الزمن تغيير، والاحتلال واقع، والكرامة الوطنية، مجرد سلعة يمكن عرضها للبيع، ولمن يدفع. 
ليس من الضرورة التوقف عند معظم الاحداث التي عصفت بالساحة اللبنانية في الأيام الاخيرة، وكادت ان تحول البلاد الى شبه حمام دم، لولا الحكمة التي تتمتع بها قيادات وطنية حقيقية وفي طليعتها قيادة المقاومة التي طالما عضت على الجراح، علّ هناك من يتعظ، لكن ما حدث جنوبا، مع التحضير لمجرياته، معطوفا على دعوات الاقتتال المباشرة، وغير المباشرة، والمصحوبة ببروباغندا غوبلزية، يستوجب التوقف مليا. 
قبيل الغارات الجوية الاسرائيلية بساعات قليلة، على منطقتي الدمشقية والشواكير، انهت قوات الاحتلال مناورات على طول خط المواجهة مع لبنان الحدود اللبنانية - الفلسطينية، اي من الناقورة الى العرقوب، تحاكي حربا على لبنان.وقال المتحدث بلسان الجيش "الاسرائيلي" أفيخاي أدرعي حينها ان "التدريب الذي يُعرف باسم أشعة الشمس، هدفه فحص جاهزية قوات الجيش "الإسرائيلي" ومدى استعدادها لأيام قتالية محتملة على الحدود مع لبنان". وإن "التدريب يأخذ بعين الاعتبار جميع العِبَر من العمليات العسكرية السابقة، مع التشديد على استنتاجات حملة حارس الأسوار، ( سيف القدس) كجزء من التحقيق، وتبادل المعلومات مع فرقة غزة. وقد سبقت هذه المناورات مثيلا لها قبل 3 أشهر كانت الاكبر منذ هزيمة الاحتلال عام 2006، المناورات الأخيرة تزامنت مع دعوة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان للعبث في لبنان جراء التخبط السعودي وقال حرفيا "نحث السياسيين اللبنانيين على مواجهة سلوك الحزب". 
بالطبع نفذت الأدوات المحلية التعليمات خطابيا من ضمن عملية توتير الاوضاع، المطلوبة أميركيا و"اسرائيليا"، وسعوديا، فخرج كل الذين لهم تاريخ في العلاقات الحميمية، والوظيفية مع اسرائيل، ليهاجموا المقاومة وسلاحها، ولا سيما اولئك الذين بكوا حسرة على هزيمة الاحتلال عام 2006، وانتصار المقاومة التي فرضت معادلة واضحة، اي اعتداء سيواجه بما تراه المقاومة متناسبا، اما سليلو الفكر الراضخ، الدونيون امام "اسرائيل"، ومال السلاطين، الذين يتلطون بشعارات الحياد، ويرفضون مقاومة المحتل، وهم انفسهم ادعياء سيادة بعثرت اشلاءها كل يوم خروقات الاحتلال، والتدخلات الأميركية في تفاصيل عمل وإدارة المؤسسات كلها، وتضع فيتو على كل ما لايروق مزاج السفيرة والسفارة، وتحاصر هذا وتعاقب ذاك، هؤلاء الذين يصمتون عن كل تلك الموبقات، تراهم شحذوا سكاكينهم، واعتبروا ان اللحظة نضجت، وليكن ما يكون . ليس من العبث ان يردد قادة الاحتلال ما استنتجه مركز دراسات الأمن القومي الاسرائيلي، بان على "اسرائيل" ان تقدم الدعم والتشجيع للقوى التي تواجه حزب الله في لبنان، وان يخلص رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينت للقول "هناك صحوة هامة جدا في الجانب اللبناني، يعبر عنها الكثير من المواطنين ضد حزب الله والتدخل الإيراني في البلاد. ان اكثر المدركين بان "الحرب بالنظارات سهلة " هم قادة الاحتلال واستراتجيوه، الذين كانت اخر تجربة لهم منذ ايام، من خلال محاولة تغيير قواعد الاشتباك التي ارستها المقاومة عام 2006، ولم تكن حينها بالقدرات الموجودة حاليا، وقد افشلت المقاومة بوجبة صاروخية المرامي الاسرائيلية، ليطلب الاحتلال الهدوء مقابل الهدوء .وليستنجد قادة الاحتلال بالولايات المتحدة الاميركية لمنع اطلاق صواريخ من لبنان، بينما شذاذ الافاق يواظبون على اداء وظيفتهم بغلو الغيظ . لقد ترسخ اكثر فاكثر لدى قادة الاحتلال بعد فشل تغيير قواعد الاشتباك الاخيرة، ان طبيعة حسابات الحرب إذا ما قورنت بحرب عام 2006 ليست مسألة وجهة نظر، او اخطاء فقط في التقدير. فالحرب القادمة ستكون "حرب وجود، لاسيما أن مغامرة إسرائيل بخوضها تعني أن عليها الاستعداد لحرب مفتوحة على جبهات عدة، أي حرب اقليمية سينخرط فيها كل من يرفض الاحتلال والفكر الصهيوني والمتصهين، وهناك عدة مؤشرات يجب وضعها في الاعتبار، منها أن نتائج معركة سيف القدس التي كشفت عن إخفاقات كبيرة في الجانب الإسرائيلي، ولا يتعلق الأمر فقط بمنظومة الدفاع المتعددة الطبقات أو "القبة الحديدية"، ولكن يتصل بتأثير هذا الإخفاق تحديداً على الجبهة الداخلية "الإسرائيلية" على نحو سيجعل "إسرائيل" تفكر كثيراً قبل خوض أي معركة على الجبهة الشمالية.
قال الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش "الإسرائيلي" غيرشون هكوهين، وهو عركته التجربة، إن لدى إسرائيل مخاوف من احتمالية التصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان."لو كنت في إسرائيل سأستعد للحرب، ويجب أن نخرج من حالة الإنكار، أضاف: "نحن بحاجة إلى فهم ما يفعله حزب الله وحماس، هذا أسلوب متطور للغاية، إنهم لا يريدون الحرب، بل يريدون إرهاقنا، إنهم ملتزمون بالجهود اليومية لإلحاق الأذى بـ"إسرائيل" حتى زوالها، إنهم يفعلون ذلك ويفحصون كل ما يفعلونه". وعندما يسقط الجمل يتكاثر من يأتون لطعنه، مضيفا أنه يجب ألا تدع تل أبيب أحدا من حولها يرى أن الجمل الصهيوني بدأ يتأرجح". 
عليه فان على اصحاب الرؤؤس الحامية، الذين قاربوا الفجور، ان يغادورا الرهانات الحمقاء، التي سبق ان جربوها، ودفعوا الاثمان .فالحقد دوما يقتل صاحبه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل