ليبيا بين الواقع والإنفصال ـ فادي عيد وهيب

الخميس 12 آب , 2021 10:21 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

صارت الأمور تسير في الكواليس بليبيا على عكس ما يظهر في العلن من ابتسامات صفراء توزع في اللقاءات والمؤتمرات الصحافية وعلى الشاشات، حتى طفح ما في داخل النفوس على لسان المسؤولين، ولم يعد هناك مجال أو مساحة جديدة لممارسة التمثيل على الجمهور أو على الخصم في الجانب الأخر، ففي الوقت الذي كان يحتفل فيه الجيش الوطني الليبي في بنغازي بذكرى تأسيسه ال81، بحضور نواب البرلمان الليبي (الجهة الوحيدة المنتخبة في ليبيا من الشعب) ومشايخ وأعيان القبائل، وقائد الجيش خليفة حفتر، كان رفض المسؤولين بحكومة الوحدة الوطنية (المعينة من الأسرة الدولية في جنيف بفبراير/شباط الماضي) حضور الإحتفال، برغم توجيه دعوات خاصة لهم من قبل القيادة العامة للجيش.
وفي نفس التوقيت توجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الى تركيا في زيارة لم يكن معداً لها مسبقا، كانت تهدف لفتح المجال الاقتصادي والعسكري في غرب ليبيا على مصراعيه أمام تركيا، وهو ما تم الاتفاق عليه يوم السبت الماضي في “قصر وحيد الدين” في إسطنبول خلال اللقاء الذي جمع الرئيس التركي أردوغان مع رئيس الوزراء الليبي الدبيبة، والذي جاء تأكيدا لما دار في أول لقاء جمعهما عبر أول زيارة خارجية (كانت سرية) لدبيبة بعد توليه مهمته الجديدة في فبراير/شباط الماضي.
الأرقام خير من يحدثنا عن ذلك، ففيما يخص الشق الاقتصادي فقد حققت الصادرات التركية إلى ليبيا أرقاما قياسية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 2021، بعد ان كشفت بيانات مجلس المصدرين الأتراك أن صادرات تركيا إلى ليبيا ارتفعت خلال الفترة بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2021 بنسبة 58% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتحقق مليارا و325 مليون دولار.
وفيما يخص الشق العسكري، يجري الأن تحشيد عسكري ضخم من قبل تركيا في غرب ليبيا، إلى جانب حضور مكثف لمختلف انواع الطائرات المسيرة التركية بأقصى الحدود الغربية لليبيا بالقرب من تونس، لرصد تحركات الجيش التونسي داخل أرضه، في ظل مراقبة تركيا كل تطور يحدث في تونس، بعد إطاحة الرئيس قيس سعيد بالإخوان من البرلمان، والذي يسعى لشطبهم من الحياة السياسية تماما على غرار السيناريو المصري، لولا الرفض البريطاني الداعم لأحد أبرز ادواته الخارجية إلا وهي الإسلام السياسي.
كذلك هناك شحن لدفعات جديدة من المرتزقة السوريين الموالين لتركيا الى غرب ليبيا تتم عبر البحر في الأونة الأخيرة، بعد تدشين تركيا لخط رورو تجاري وإرهابي في نفس الوقت، لنقل البضائع الى موانئ غرب ليبيا وكذلك المرتزقة، الذين تخطى عددهم في غرب ليبيا أكثر من 40الف، بهدف حماية عملاء تركيا في طرابلس أولا، ولصد أي محاولات عسكرية جديدة لخليفة حفتر لتحرير طرابلس ثانيا، ولإفشال عملية الإنتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة يوم 25ديسمبر/كانون الأول القادم ثالثا.
وحقيقة الأمر لم يعد هناك من مجال للتصريحات الدبلوماسية بين الجانبين (شرق ليبيا وغربها)، بعد ان نسف عبد الحميد الدبيبة كل محاولات لم الشمل بين الشرق والغرب، وبعد ان شن هجوماً جديداً على الجيش الوطني الليبي وشخص قائده المشير خليفة حفتر، فللمرة الثانية يطلق الدبيبة تصريحات نارية ضد قائد الجيش الليبي من تركيا، وفى المرة الأخيرة عاد من تركيا ليكررها في طرابلس وسط المرتزقة، حتى لم يعد هنا من دور لأي وساطة جديدة لجمع حفتر والدبيبة على طاولة واحدة، وهو ما كانت تعمل عليه مصر مؤخرا، وصرنا أمام خيارين لا ثالث لهما، أما انفصال الغرب الليبي عن ليبيا، والتسليم بالأمر الواقع خصوصاً  بعد ما قام به الجيش التركي في قواعده بغرب ليبيا على أثر ما حدث في تونس مؤخرا، أو أن يخوض الجيش الوطني الليبي حربا جديدة لتحرير الغرب الليبي من الإحتلال التركي (الأطلسي)، وللاسف لو شنت تلك الحرب المرفوضة من الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا وتركيا ستكون نتائجها كحال الأولى ولنفس الأسباب، وهي الحرب التي انتهت بهزيمة للجيش الوطني الليبي بعد ان تعرض لضربات مكثفة على مدار أكثر من 40يوماً من قبل القوات التركية المدعومة من القوات البحرية البريطانية المتواجدة في مالطا، ومن قوات الافريكوم الجوية المتواجدة بتونس.
فكل المؤشرات تقول أن عبد الحميد الدبيبة تخطى حامد كرزاي ليبيا المدعو فايز السراج بكل فجور، وبصم بالعشرة خلال تواجده الأخير في تركيا أنه مجرد والي الخليفة أردوغان في ولاية طرابلس وليس أكثر من ذلك، والأدهى من ذلك ان يصدر قادة المليشيات في طرابلس التي تنتحل صفة المدعي العام أوامر إعتقال لكل من خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي، وهو ما يعني إعلان حرب على كل المكونات الليبية غير الخاضعة للمحتل التركي، كي يقف شبح الإنفصال على أعتاب ليبيا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل