طالبان والمشروع الأميركي الجديد ـ د.نسيب حطيط

الثلاثاء 17 آب , 2021 01:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تناقلت وسائل الاعلام صور الافغان الذين يتساقطون من الطائرات الاميركية الهاربة تحمل العسكريين والدبلوماسين وتترك العملاء والمتعاونين من الافغان في مشهد متكرر من فيتنام الى العراق الى لبنان حيث يترك المحتلون عملاءهم ليثأر منهم شعبهم جراء تعاونهم مع المحتلين على اذلاله ..ويشاهد الاميركيون قتل كلابهم ويقهقهون بضحكات عالية لانهم لم يدفعوا التعويضات لمن خدمهم وخان شعبه...
تتناقض المواقف والاراء حول النتيحة ..
هل انهزمت اميركا ام انه تكتيك استراتيجي للادارة الاميركية واعادة تموضع (جيو_عسكري)؟
هل طالبان حركة تكفيرية متطرفة أم حركة اسلامية معتدلة أم انها حركة تتغير وفق الوظيفة والهدف؟
من المبكر اطلاق الاحكام وتبني النتائج القطعية حول الهزيمة أو الانتصار ..وكذلك حول هوية (طالبان) المتطرفة او المعتدلة....ولا بد من انتظار بعض الوقت لمعرفة ملامح المرحلة القادمة..التي يمكن استشراف بعض افاقها بالعودة الى تاريخ العلاقة بين اميركا وطالبان وبين اميركا والجماعات التكفيرية التي ولدت من (الرحم الافغاني).عبر تقنية "طفل الانبوب" في عهد الرئيس الاميركي ريغان والرئيس المصري السادات والملك السعودي فهد...بما عرف بالأفغان العرب ثم القاعدة وأولادها وأخواتها وبعضهم من سفاح القربى العقدية او الزنا المخابراتي المتعدد الجنسيات..
بدأت مفاوضات تسليم افغانستان لحركة طالبان منذ العام الماضي في الدوحة بين الوفدين الاميركي وطالبان تحت عنوان مخادع تحقيق المصالحة الوطنية، وقبل سقوط افغانسنان بيد طالبان اجتمع مسؤول اميركي بوفد من طالبان بالاضافة الى عدم قتال الجيش الافغاني هو قرار اميركي لان من يحكم افغانستان هم الاميركيون وليس الحكومة والرئيس الافغاني' فاميركا تحكم افغانستان منذ الغزو الاميركي لها ..ولا قرار مستقل للقيادة  الافغانية السياسية والعسكرية ..
لقد استخدمت اميركا الافغان العرب كجيش بديل عن الجيش الاميركي لقتال الحيش السوفياتي وحصدت نتائج هزيمة السوفيات وارتداداتها الكارثية التي ادت الى انهيار وتفكك  القوة العظمى المتمثلة  بالاتحاد السوفياتي ولاحقا ما يعرف بالكتلة الشرقية وحلف "وارسو"..وتربعت اميركا على العرش العالمي كقطب اوحد يسيطر على العالم ويغزو العراق ويحاصر ايران ويفرض قراراته على العالم افرادا وكيانات ودولا .وحتى مذاهب وافكارا وعقائد..!
ويبدو ان اميركا تريد تكرار التجربة مع الافغان العرب ..لكن بوجوه جديدة واساليب متطورة تستفيد من أخطاء الماضي وتحويل الحركات المتطرفة الى دول تستخدمها اميركا وفق حاجتها فق منظومة "الجيل الثاني" من الجماعات التكفيرية  وبما ان تحربة "الجيل الاول" الذي انطلق من افغانستان، فان اميركا تبدأ تجربتها الثانية من افغانستان ايضا  نظرا لموقعها الجيو-سياسي المتميز والاستراتيجي الذي يمنح ويعطي اميركا حرية المناورة الواسعة للتحرش بالاعداء الذين يهددون اميركا ومشروعها العالمي وفق التالي:
-ايران: هي العدو الاساس لاميركا والذي استطاع عرقلة المشروع الاميركي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وأجهض محاولات اميركا للسيطرة على المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية، وساعدت إيران روسيا على النهوض ثانية من الميدان السوري بعد غياب دام أكثر من عقدين.
-الصين: تعتبر الصين التهديد الاستراتيجي العالمي والأخطر لأميركا على الصعيد الاقتصادي، خصوصا، ومن ثم العسكري، وبالتالي لابد من مشاغلة الصين  عسكريا  دون تدخل مباشر كما حصل ضد السوفيات في افغانستان.
-روسيا: والتي عادت لتشكل التهديد الأساس على المستوى الدولي والتي تحاول إعادة امجاد ووظيفة الاتحاد السوفياتي وبالتالي لابد من اشغالها من افغانسنان واثارة الموضوع الديني في جمهوريات اسيا الوسطى الاسلامية.
ان تسليم السلطة لحركة "طالبان" هو تامين البديل عن السعودية لمواجهة ايران بعد الفشل والهزيمة السعودية في اليمن وتآكل العائلة المالكة وعدم الثقة بمستقبل المملكة ووحدتها وتأثيرها الاسلامي... ومحاولة اميركا بناء دولة اسلامية "سنية"على حدودها مقابل الجمهورية الاسلامية "الشيعية"واستدراج الدولتين الى حرب مذهبية تكرر تجربة الحرب العراقية_الايرانية.بعد انتصار الثورة الاسلامية.
الانسحاب الاميركي هزيمة بالشكل، لاعطاء طالبان بعض المعنويات لتأمين انطلاقها وحجز مكانها الدولي ..لكن الحقيقة ان طالبان جزء اساس من المشروع الأميركي الذي يهدد الاسلام والامن العالمي....ولننتظر قليلا...، مع محاولات ايران وروسيا استيعاب المشروع والمساكنة مع "طالبان".،لمعرفة الافاق المستقبلية..!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل