بدء الصراع المباشر بين الجزائر و"إسرائيل" ـ فادي عيد وهيب

الخميس 19 آب , 2021 10:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

اشتعلت النيران في غابات الجزائر بشكل مريب، ولا يختلف أحد على ان الإحتباس الحراري كان السبب الرئيسي في حرائق غابات دول حوض البحر المتوسط، ولكن مع التأمل في معادلات حرائق الجزائر وكيف جاءت سريعة جدا، لتحصد من الأرواح أضعاف ما حصدته الحرائق في تركيا واليونان وإيطاليا معا، سنجد أن الأمر غير طبيعي ومريب جدا.
وكما كانت حرائق الغابات في الجزائر مريبة، كذلك جاءت الحرائق السياسية بين الجزائر والمغرب مؤخرا بعد حضور وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد في المغرب نهاية الأسبوع الماضي، وهي الزيارة التي جاء على أثرها افتتاح مكتب اتصال بمثابة ممثلية دبلوماسية لإسرائيل في الرباط، بمناسبة أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي على هذا المستوى إلى المغرب منذ التطبيع العلني بين البلدين بعهد الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب.
وان كان هذا ما جاء في العلن، ففي الكواليس يحدث الكثير، فهناك اتصالات مكثفة بين "جامعة بن غوريون" الواقعة في منطقة النقب جنوب دولة الاحتلال و"جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية" في المغرب، لتوقيع اتفاق تعاون أكاديمي وبحثي بينهما، ومن المقرر تنفيذ برنامج تبادل طلابي واعضاء هيئة التدريس بينهما، وعلى غرار ذلك بدأت اتصالات مكثفة أيضا بين العديد من شركات المعادن والأسمدة الإسرائيلية مع نظيرتها المغربية بهدف تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي.
وبالطبع لم يفوت يائير لابيد فرصة تواجده بالمغرب دون أن يوجه رسالة مباشرة للجزائر، حيث أشار إلى أنه تطرق مع نظيره المغربي إلى ما وصفه بـ "المخاوف حول الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة وتقاربها مع إيران، وكذلك الحملة التي قادتها ضد قبول إسرائيل عضوا مراقبا في الاتحاد الأفريقي."

ومن كل ما سبق صار لدى قصر المرادية يقين بأن المغرب له دور في الكوارث البيئية التي حلت بالجزائر مؤخرا، وهو ما صرح به وزير الداخلية الجزائري منتصف الأسبوع بوجود عناصر مخربة في منطقة القبائل كانت تسعى للفرار الى المغرب، علماً أن هذه
المنطقة التي كانت المغرب قد طالبت إستقلالها عن الجزائر في الامم المتحدة مؤخرا، لذلك لم تكن عدم إستجابة الجزائر للعرض المغربي بتقديم مساعدات لإطفاء الحرائق أمراً غريباً، في الوقت الذي أعلنت فيه الجزائر طلب المساعدة من المجتمع الدولي، حتى ان الجزائر قبلت المساعدات من المستعمر القديم (فرنسا) ولم تقبل من المغرب.
وعندما استشعرت الجزائر أنها صارت في مرمى النيران مجددا جراء مواقفها الصلبة ضد تغلغل الكيان الصهيوني في أفريقيا، خرج رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة على شاشة التلفزيون ليشن هجوماً صريحاً على المغرب مستخدما ورقة البوليساريو وملف الصحراء الغربية مجددا.
ومن الواضح ان جزائر سعيد شنقريحة (رئيس أركان الجيش) تختلف إختلافاً كلياً عن جزائر بوتفليقة (الرئيس الأسبق)، وان كان الاثنان متقدمان في السن، ولكن يبدو أن شنقريحة متقدم في الفكر والطموح، وهو ما تجلى في تصريحاته بموسكو على أثر فعاليات المؤتمر التاسع للأمن الدولي في حزيران/يونيو الماضي، عندما قال شنقريحة: "أن الجزائر تسعى ان تكون قوة للمغرب العربي والقارة الأفريقية بالكامل"، وهو التصريح الذي نطق به شنقريحة بعد ان حصل على وعود كبيرة من الجانب الروسي لدعم خطط تحديث الجيش الشعبي الجزائري.
كل تلك المشاهد تعكس بوضوح حجم الخلاف والصراع بين قصر المرادية بالجزائر والقصر الملكي بالرباط، وأن الصراع مقبل على جولة جديدة، بعد ان قادت الجزائر جبهة الرفض داخل القارة السمراء لعودة دولة الإحتلال الإسرائيلي كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، كي يرد المغرب بتوقيعه اتفاقات سرية جديدة مع إسرائيل المستهدف الأول منها هو الجزائر.
خلاصة القول ان دور الجزائر الأفريقي يزعج الرباط، والتقارب بين الجزائر وإيران يقلق إسرائيل بشدة، لذلك بدأت جولة حرب جديدة بين الصهيوني والجزائر منطلقة من أرض المغرب حتى منطقة القبائل الجزائرية.
ومن كل ما سبق يتضح لنا ان الجزائر تستغل مواقف الأضداد لتحقيق مكاسب سياسية من جانب، ولتقوية موقفها في محيطها الإقليمي من جانب أخر، في ظل سعي القيادة الجديدة للعب أدوار هامة ومؤثرة في الجوار، كما أعلن الرئيس عبد المجيد تبون في أول تصريح له بعد فوزه بالرئاسة الجزائرية نهاية 2019م.
لذلك يترقب الإقليم تلك الجولة الساخنة بين الطموح الجزائري الجديد أمام المخطط الصهيوني القديم، الذي يهدف لفصل كل دول الوطن العربي عن بعضها ووضعها تحت الوصاية الإسرائيلية والأميركية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل