لبنان.. انفراج أو انفجار؟ ـ د.ليلى نقولا

الإثنين 23 آب , 2021 08:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

خلطت الأوراق مجدداً في لبنان بعد إعلان السيد نصرالله عن توجّه باخرة ثانية محملة بالمشتقات النفطية الى لبنان قادمة من إيران وأن الحزب سوف يعمد الى التوزيع في كل لبنان، من دون أن يحدد أين سترسو وكيف سيتم توزيع تلك المشتقات. كما كان مفاجئاً  أيضاً أن يعلن عن أن شركات إيرانية مستعدة للقدوم الى لبنان والتنقيب عن النفط والغاز في حال كانت الشركات العالمية تخشى القصف الاسرائيلي.

وبغض النظر عن المسار الذي ستسلكه البواخر الايرانية والمساعدات التي أعلنت عنها السفيرة الأميركية مباشرة بعد خطاب نصرالله الأول، فإن الاتجاه السائد في لبنان لا يشي بالكثير من الانفراج في الوقت الحالي، وذلك انطلاقاً من المؤشرات التالية:

-      الهامش الذي ما زال يملكه رياض سلامة للضغط وخنق الاقتصاد اللبناني والدفع نحو الانفجار الشعبي، مع العلم أن الدعم الذي يحظى به سلامة من الخارج والداخل، يجعله الحاكم الفعلي للبنان بالتكافل والتضامن مع دولة عميقة لطالما انتفعت منه وانتفع منها، وقوى خارجية استخدمته لتحقيق مصالحها في لبنان.

-      الهامش الذي تعطيه الولايات المتحدة لحلفائها لتعطيل الحكومة والضغط الاقتصادي لتحقيق مكاسب سياسية وحكومية، مع العلم أن بوادر الانفراج في لبنان تبدأ بتشكيل الحكومة، التي يجب أن تضع الأسس للبدء بمسيرة طويلة من الانقاذ الذي يحتاج الى سنوات طويلة والمزيد من الخطط والاصلاحات الاقتصادية التي تخرج لبنان من النظام الاقتصادي الريعي وتوجهه نحو الاستثمار في القطاعات الانتاجية بدل الاستهلاك المفرط.

-      المصالح الداخلية التي تنتظر إشارات خارجية لتسهيل تأليف الحكومة. لن يكون الانفراج حقيقي طالما لم يتم دفع الاطراف المختلفة دفعاً الى تسهيلها. للداخل مصالحه في عرقلة الحكومة، فمطالبة تيار المستقبل برحيل واستقالة رئيس الجمهورية تبدو موجهة ضد ميقاتي أكثر مما هي موجهة بالفعل ضد الرئيس عون، والمطالب التعجيزية التي تطالب بها بعض الكتل الأخرى، تبدو موجهة بالأساس لإفشال التدقيق الجنائي وانتقاماً من رئيس الجمهورية والعهد.

وهكذا، يبدو لبنان اليوم على فوهة بركان مرشح للانفجار، ولكنه لا ينفجر، لماذا؟

لأن الأميركيين يعتقدون أن الضغط الاقتصادي يحقق لهم مكاسب في لبنان أكثر بكثير من النزاع  العسكري. ولأن البعض الذي أعطي أوامر اقليمية للتفجير مرات عدة، حاول الانقلاب في الشارع وفشل. ولأن القوى التي تريد الفوضى لتكسب بالسياسة ما لم تستطع أخذه بالحرب، لم تستطع جرّ الأخرين اليها، فحزب الله (المعني الأساسي بالموضوع) يبدو حريصاً على عدم الانخراط في أي توتر داخلي، فها هي طريق الجنوب تقطع بين الفينة والاخرى، ساعة بحجة الكهرباء، وساعات أخرى بحجة البنزين والتردي الاقتصادي وغيره، في دفع واضح وصريح (منذ 17 تشرين الاول 2019) لإخراج بيئة الحزب عن طورها والدخول في الاقتتال.

ويبقى، أن إعلان قدوم السفن، سيعيد خلط الأوراق، فإذا نجح حزب الله بانقاذ لبنان من العتمة والضغط الاقتصادي، بينما استمر الآخرون في الضغوط من دون تغيير في استراتيجية الضغوط القصوى المتبعة من قبلهم، فإن هذا سيكون له تداعيات كبيرة، ستقلب المعادلات اللبنانية لصالح الحزب رأساً على عقب.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل