الأمن المجتمعي، من تينات شويَّا الى صنوبرات مغدوشة ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 01 أيلول , 2021 10:15 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ما حصل بين بعض شبان مغدوشة وعنقون، يحصل عند كل محطة وقود على الأرض اللبنانية، سواء لجهة التزاحم، أو المرور عبر "خط عسكري"، أو "تفويل" السيارة، وعرقلة السير الناتجة عن طوابير النائمين في سياراتهم من الليلة الماضية مشهدية تُدمي القلب، ولو أن الكثيرين قد امتهنوا تجارة "السوق السوداء"، وباتت مهنتهم في زمن البطالة، الوقوف في الطابور لتحصيل الرزق اليومي عبر التجارة بصفيحة بنزين، لكن ما حصل في مغدوشة أخذ بُعداً كبيراً وخطيراً، لأن التجاور القروي المُتعارِف لا يحتمل ما يُمارسه الأغراب عن بعضهم في شوارع المُدُن.

إشكالات مغدوشة - عنقون تركت تداعيات أهليَّة، وتطلبت معالجات أدقّ من سواها، لأن الأمن المجتمعي في القرى والأرياف له خصوصيات تراكمت على مدى عقود، وليت الغرباء عن المنطقتين من السياسيين، كمُّوا أفواههم عن "التعاطف" الكاذب الزائف عبر الإعلام التاجر الفاجر، لأن كل كلمة غير مسؤولة هي بحجم خزان وقود على نارٍ يرغبون إشعالها.

ما حصل في مغدوشىة - عنقون هو شبيه من حيث الإستغلال السياسي بما حصل في بلدة شويَّا قضاء حاصبيا منذ أسابيع، على وقع التضامن المشبوه مع مواطن من البلدة، تمت مضايقته في صيدا خلال وقوفه خلف بسطة لبيع التين، على خلفية احتجاز شباب من بلدته بضعة شباب مقاومين مع آليتهم خلال عودتهم من عملية صدّ عدوان صهيوني، وارتفعت يومذاك صرخات نواطير المواسم من أشباه رجال السياسة ودبابير الإعلام ليس تضامناً معه بل حقداً على المقاومة.

هذا النوع من الإشكالات المناطقية يتمّ حلُّه من خلال مرجعيات محلِّية تُدرك أكثر من سواها أمنها الذاتي    - إن صحَّ التعبير - وبإشراف الجيش اللبناني والقوى الأمنية، لكن أن تصدح الأبواق من كل حدبٍ وصوب تحت ذريعة التضامن مع مغدوشة ضد عنقون أو العكس، فهي جرائم موصوفة و"زفت إنتخابي" أقذر من الزفت، ومَن أراد حزبياً عرض عضلاته من بعيد، فإن جرائم تدخُّله في الجبل وشرق صيدا ما زالت شاهدة على تاريخه الأسود.

حسناً فعل وليد جنبلاط عندما طالب عدم التدخُّل في حادثة شويَّا، وترك المعالجات للمرجعيات المحلِّية، سواء كانت درزية أم شيعية، لأن الواقع الجغرافي والإنتشار الديموغرافي يفرضان شراكة العيش، وكما أن شويَّا ليست جارة المختارة للإحتماء بها، فإن مغدوشة ليست جارة معراب ولا بكفيا.

نؤمن بالجيش اللبناني ساعة نريد، ونتصرَّف ميليشيوياً ساعة نريد، وننزل الى أدنى درجات الدرك الأخلاقي عندما نتسوَّل أصوات الناس ولو على حسابهم الوجودي، وأبناء مغدوشة أكبر وأوعى وأذكى من أن يحتاجوا حمايات إفتراضية وكلام هوائي يُفسِد هواء صنوبرات مغدوشة.

سبق وطالبنا بما نسمِّيها "لا مركزية مجتمعية"، أثبتت جدواها منذ العام 1975، لأن أحداث التهجير ماثلة أمامنا نتيجة التدخلات من خارج مناطق التنوُّع السكاني، والشعب اللبناني تكفيه ويلات العيش في زمن الجوع هذا، ومَن يعتقد أن لديه الكفاءة في مُعالجة الأمور أكثر من المرجعيات المحلِّية في مغدوشة أو عنقون فهو مخطىء، ولتقطع رِجِل كل من يدخل البلدتين من الغرباء عنهما والسلام...  


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل