شمال افريقيا يتسلم راية التوتر من العراق والشام ـ فادي عيد وهيب

السبت 02 تشرين الأول , 2021 10:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تدخل منطقة الشرق الأوسط الى مرحلة جديدة، ومختلفة ما بين شقيها الأسيوي والأفريقي، ففي الوقت الذي تذهب فيه أجواء الخليج وإيران الى التلطيف، بعد التقدم الإيجابي الذي سجله الحوار الإيراني السعودي عبر أربع لقاءات جمعت وفوداً من البلدين في بغداد، وبعد لقاءات جمعت وفود دبلوماسيين من إيران ومصر والسعودية والإتحاد الأوروبي التقوا مرتين خلال الشهر الماضي، لبحث الحد من التوترات في الشرق الأوسط، والاستعداد لاستئناف المفاوضات مع القوى الغربية بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، كانت الأمور تتعقد في شمال أفريقيا، بعد ان قررت الجزائر يوم 22سبتمبر/أيلول إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المغربية، في خطوة تصعيدية جديدة بين الطرفين، بعد ان قررت الجزائر سابقا عدم ضخ غازها الى أوروبا عبر الأراضي المغربية، كي يكون الأمر أشبه بحصار جزائري على المغرب، في ظل فشل كل المحاولات العربية لتهدئة الأمور بين البلدين، لأن هناك قناعة لدى الجزائر بأن المغرب هو من شن الحرب على الجزائر أولا، وان إعلان الحرب جاء بشكل رسمي مع تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي التي أطلقها ضد الجزائر خلال زيارته للمغرب، وبإيعاز من القصر الملكي المغربي، وهي التصريحات التي كشفت حجم القلق لدى كيان الاحتلال جراء تطور العلاقات بين الجزائر وإيران خصوصاً على المستوى العسكري والاستخباراتي.

وان كان ذلك هو شكل الوضع المتفاقم بين الجزائر والمغرب، ففي الجوار الشرقي للجزائر كانت تونس تشهد جولة صراع جديدة هي الأعنف بين الرئيس قيس سعيد والإخوان، بعد ان نزل مؤيدو كل من الرئيس التونسي وخصمه رئيس البرلمان راشد الغنوشي الى الشارع، في تطور غير مسبوق من الصدام المؤسسي بين الرئاسة والإخوان.

وفي الجوار الشرقي لتونس، باتت ليبيا على صفيح ساخن  بعد ان سحب عقيلة صالح رئيس البرلمان (الجهة الوحيدة المنتخبة من قبل الشعب الليبي) الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد أدبيبة، وفي اليوم التالي قرر القائد العام للجيش خليفة حفتر تسليم مهام القيادة لرئيس الأركان عبد الرزاق الناظوري، ليتسني له الترشح إلى انتخابات الرئاسة المقررة 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، الأمر الذي جاء بمنزلة هجوم جديد من حفتر على المرتزقة في الغرب الليبي، ولكن هذه المرة ليس هجوماً على بالسلاح بل بصناديق الإقتراع، كي يرد عبد الحميد أدبيبة بحشد مناصريه في ميدان الشهداء بطرابلس، ليتحول المشهد إلى مناطحة بين الشرق والغرب الليبي في هيئة أجسام سياسية.

وأخيراً وليس آخراً جاءت الأحداث في السودان لتكون مسك ختام ما يحدث في دول عرب افريقيا، فعلى أثر محاولة إنقلاب فجر الثلاثاء 21سبتمبر/أيلول من بعض العسكريين والمدنيين المحسوبين على نظام عمر البشير بدعم قطري (كحال الدعم القطري القوي ماديا وإعلاميا لراشد الغنوشي في تونس ضد قيس سعيد) أنفجر بركان الخلاف المكتوم بين المكون العسكري ونظيره المدني، ليتبادل كل طرف الاتهامات مع الأخر في الوقت الذي خرج فيه الوضع في شرق السودان عن السيطرة، بعد ان اغلق المحتجون الميناء الرئيسي في مدينة بورتسودان ومطار المدينة وخط أنبوب النفط الناقل للمشتقات البترولية لمدن السودان، كي يصبح السودان في مهب الريح دون مبالغة.

حقيقة الأمر ان منطقة شمال افريقيا تسلمت راية التوتر من العراق والشام، وتستعد لمرحلة ما بعد الثورات الملونة المعروفة بالتدخلات العسكرية والمواجهات المباشرة، أي لن يحدث حسم للمشهد في دول ليبيا وتونس والسودان إلا بتدخل عسكري لحسم الصراع الدائر في تلك الدول منذ انطلاق "الربيع العبري" 2011، فقد تعمد الغرب ان يبقى أطراف الصراع في كل دولة منها متساوية في القوى كي تبقى نتيجة الصراع بينهم دوما تعادل، ومن ثم يطول أمد الحرب في تلك الدول لأطول فترة ممكنة، وكلما حاول طرف الحسم كان يأتي التدخل العسكري الغربي ليعيد الكفة الى التساوي مجددا، كما حدث عندما صارت قوات الجيش الوطني الليبي على بعد 3كيلو متر فقط من قلب العاصمة طرابلس، فتدخل طيران الافريقوم والمسيرات التركية لتطرد الجيش الليبي من غرب ليبيا لتعيد الكفة بين الشرق والغرب الليبي الى التساوي.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل