تصعيد خليجي مرتقب.. ماذا وراء التّحذير البريطاني بعدم السّفر الى لبنان؟ ـ ماجدة الحاج 

الجمعة 19 تشرين الثاني , 2021 08:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

لا يبدو انّ الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان وساقت خلفها بعض الدول الخليجيّة في تشديد الهجمة المُستغربة وغير المسبوقة عليه، في طريقها الى الحلّ.. فكلّ الوساطات التي شغّلها كبار المسؤولين اللبنانيين خلف الكواليس وبينها الفرنسيّة مع اروقة الرّياض، إصطدمت بتعنُّت سعودي صلب وعدم استعداد للتقدّم خطوة واحدة لتسجيل خرق ولو بسيط في جدار الأزمة. وتكفي متابعة الإجراءات "العقابيّة" المشدّدة التي باشرت الكويت بتنفيذها بحقّ فئات من اللبنانيين الموجودين على اراضيها- وهي بطبيعة الحال بإيعاز سعودي، ليظهر بوضوح انّ الرّياض " ذاهبة الى النهاية" في ضغوطها على لبنان،  على وقع معلومات نقلتها صحيفة "آراب ويكلي" البريطانيّة، عمّا اسمتها "مصادر مطّلعة"، ومفادها انّ السعوديّة ستزيد من منسوب  تلك الضغوط، وانها مستعدّة لتوجيه ضربات موجعة اليه على خلفيّة الأزمة الدبلوماسيّة الناشئة! 

وبالتزامن، نقلت شخصيّة صحافيّة لبنانية مخضرمة عن دبلوماسي عربي سابق، تأكيده انّ التصعيد السعودي بوجه لبنان سيشتدّ في المرحلة المقبلة، "وعلى ما يبدو فإنه توطئة لخضّات امنيّة مرتقبة"، وخصوصاً انّ تصريح وزير خارجية المملكة واعتباره انّ الأزمة ليست مع لبنان بل في "هيمنة حزب الله عليه"، هي دعوة مبطّنة لحرب اهليّة، داعيا الى الحذر من خلفيّات هذا التصعيد التي قد تكون تمهيدا لحدث امني كبير حُبكت خيوطه في خلال الإجتماع السرّي الذي جمع وزير الحرب "الإسرائيلي" بني غانتس ومسؤولين سعوديين في الرياض بشهر تشرين الأوّل الماضي. 

بدا لافتا انّ "الجنون" السعودي انفجر بوجه لبنان بهذا الشكل على وقع التطورّات الميدانيّة في مدينة مأرب اليمنيّة الإستراتيجية، والتي باتت بحُكم السّاقطة عسكريّا في ايدي مقاتلي حركة "انصار الله".. وحيث اصبح السؤال يتعلّق الآن ب "ما بعد مأرب"..فشل سعودي مدوّي في اليمن "يجب" ان ينفجر غضبا في لبنان.. حيث "العدوّ المشترك" المُتّهم بإعلاء كفّة نصر مقاتلي الحركة اليمنيّة، رغم انّ العالم بأسره يُدرك ان ما من دولة او مملكة- السعودية تحديدا عبر التاريخ، استطاعت انتزاع نصر على اليمنيّين والإفلات سالمة من ميادين بلدهم، وتقرّ اجهزة الإستخبارات المعادية بعد سبع سنوات من شنّ الحرب الجماعيّة على اليمن، بقدرة مقاتلي "انصار الله" على تحقيق أي انجاز ميداني مهما كان مستحيلا.. ويبقى السؤال منوطا ب" سقف" الغضب السعودي تجاه لبنان. 

وفيما تجهد الأجهزة الأمنيّة اللبنانية لرصد ومتابعة اي حراك مشبوه قد يؤدّي الى خضّات أمنيّة خطيرة في لحظة مفصليّة يمرّ بها لبنان، جذبت واقعة الحرائق التي اجتاحت احراشا جنوبيّة مؤخرا على نطاق واسع  علامات استفهام كبيرة حول خلفيّاتها في هذا التوقيت وسط الأزمات الخانقة التي تكاد تقطع انفاس اللبنانيين، خصوصا انّ مصادر الأجهزة الأمنيّة اجمعت على انها "مفتعلة" قبل ان يؤكدها على الملأ وزير الداخلية، متحدّثا عن معلومات وتسجيلات وصور قال إنّ الأجهزة المختصّة تتابعها، على وقع شيوع معلومات لفتت الى القبض على احد المُتهمين بافتعال الحرائق له ارتباطات مع اجهزة امنيّة "اسرائيليّة"، وانه جار التحقيق معه للوصول الى مُتهمين آخرين بعد اعترافه بانضمامهم الى شبكة تعمل لصالح "اسرائيل".. ومع جهل ما اذا كان هناك "امر ما" يتمّ طبخه للبنان في الغرف السوداء المعادية تحت جنح التصعيد السعودي- الخليجي، جاء تحذير بريطانيا بالتزامن لرعاياها بعدم السّفر الى لبنان ليزيد من المخاوف والإرباك في السّاحة الدّاخلية.. وبالتالي يصبح المؤكد انّ حكومتها استندت الى تقارير استخباريّة وفق تنسيقها مع دوائر القرار الإقليمية الحليفة دفعتها لاتخاذ هذا القرار. 

رغم استبعاد فرضيّة عدوان اسرائيلي على لبنان نظرا لإدراك "اسرائيل" صعوبة وخطورة اي حرب مُزمعة مع حزب الله.. الا انّ الحذر والبقاء في حالة جهوزيّة لدى الحزب يبقى من المسلّمات لديه طالما انّ "اسرائيل" كيان قائم على الحرب، وهي ركن اساسي من اركان وجوده واستمراره. 

وفي حين اعتبر خبراء ومحلّلون عسكريّون انّ تحذير الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في اطلالته الأخيرة، بعزم الحزب تحرير الجليل الأعلى في اي حرب قادمة، استشعارا منه ب "عمل ما" معادي تمّ تجهيزه ضدّ لبنان، الا انّ خيار الحصار وإنهاك "ملعب" حزب الله من الداخل، من دون اطلاق رصاصة واحدة، يبقى الخيار الأمثل في أروقة تل ابيب، وبالتالي، يصبح الحذر والتنبّه من "التفجير" من الداخل مشروعا طالما انّ ابواب لبنان وفضاءه مشرّعة على كل اجهزة الإستخبارات المعادية، وطالما انّ اليد الأميركية- عبر سفارة عوكر، تُمسك بزمام أبرز المؤسسات الأمنيّة، حتى "كارتيلات" النفط والدواء، ولها "مونة" كبيرة على الأجهزة القضائيّة والإعلاميّة.. وشخصيّات لبنانية معروفة الارتهان للحلف الاميركي- السعودي-الإسرائيلي.. 

ونقلا عن معلومات صحافية فرنسيّة استندت الى مصدر وُصف ب" الموثوق"  في موقع "ذا كناري" الاخباري البريطاني، فإنّ حدثا امنيّا كبيرا في لبنان قد يكون خلف تحذير الحكومة البريطانيّة لرعاياها بعدم السفر الى لبنان، الا انّ الصحافي الاستقصائي في موقع "ميدل ايست آي" إيان كوبين خفّف من خطورة اي احداث امنيّة مُرتقبة في لبنان بالمرحلة القادمة، معتبرا انّ أيّ ضغط امني خطير على حزب الله، سيتمّ التكفّل بالرّد عليه عن قرب، من بوابة صنعاء، حيث "المارد الحوثي" الذي يقضّ مضجع وليّ العهد السعودي، مرجّحا حدثا بحريّا قد يحصل للمرّة الأولى بين "اسرائيل" وحركة " انصار الله"،  تُسدّد من خلاله الحركة مفاجأة " من العيار الثقيل" تستقطب اهتماما دوليّا واسعا!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل