وما على السعودية الا تغيير استراتيجية الاحقاد ‎ـ يونس عودة

الثلاثاء 23 تشرين الثاني , 2021 10:36 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

من الجلي حتى الآن، ان للميدان في اليمن الكلمة الفيصل، بعدما صعد تحالف العدوان الوضع في محافظة تعز وشن عشرات الغارات الجوية على أنحاء مختلفة من اليمن، بعدالخسائر القاسية للتحالف في محافظة مأرب الغنية بالنفط، وادارة السعودية، اذنها الطرشاء لإنهاء العدوان ورفع الحصار، - وهما الشرطان الاساسيان - اللذان بهما وحدهما يمكن الاستجابة للدخول في العملية السياسية بعيدا عن دوي المدافع والصواريخ .

لم تمرر القوات المسلحة اليمنية واللجان الشعبية العدوان المتصاعد بالقصف الجوي وتشديد الحصار على شعب لن تنال من عزيمته سنوات ثمان من العدوان المستمر بشقيه العسكري والاقتصادي، وقد ردت بضربات مؤثرة لم تتمكن السعودية من حجب تأثيرها ولو منعت تغطية نتائجها القاسية اللاحقة بالمواقع المستهدفة ولا سيما في رمز القوة العسكرية - اي المطارات التي انطلقت منها الطائرات، ورمز القوة الاقتصادية السعودية -اي ارامكو. 

الرد اليمني لم يكن غريبا عن الحواضن الشعبية في المحافظات التي شهدت مسيرات عارمة شعارها "اميركا وراء التصعيد العسكري والاقتصادي واستمرار العدوان والحصار، مرفقة الشعار بدعوة جميع الاحرار برفدالجبهات والتصدي للعدوان بكل قوة، وتحميل الولايات المتحدة الاميركية اولا مسؤولية قتل الناس .
من الخطأ ان يفكر احد  ان تحالف العدوان بعد تجربته المريرة في اليمن لم يتوقع ان الرد سيكون واسعا، وقد شمل قصف قاعدة الملك خالد في الرياض بأربع طائرات مسيرة و قصف أهداف عسكرية في مطار الملك عبدالله الدولي في جدة وقصف مصافي شركة "أرامكو" في جدة بأربع طائرات مسيرة وقصف هدف عسكري هام في مطار أبها الدولي بطائرة، إضافة الى قصف أهداف عسكرية مختلفة في مناطق أبها وجيزان ونجران بخمس طائرات مسيرة.

لم تنف السعودية رسميا ولا تحالفها العدواني قصف اي من الاهداف التي اعلن استهدافها المتحدث العسكري العميد يحي سريع، الا ان احد افراد العائلة الحاكمة عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز وحده نفى العملية الواسعة ليظهر العميد سريع صورا جوية تظهر استهداف مراكز في السعودية، ليسود الصمت والارتباك.مع نشر اكاذيب افتراضية عن استهداف مقرات مهمة للحرس الثوري وحزب الله في اليمن، لم تقاربها حتى وسائل الاعلام الممولة من دول العدوان وحلفائها الدوليين لافتقارها الكامل الى مصداقية، لا بل أنها من نسج الخيال.

لا شك بان دول العدوان تعيش حال هذيان ميداني وسياسي، مع افتقارها للحد الادنى من المعايير الانسانية، بالاضافة الى الغرق في نهج، تحول الى نمط في الاخطاء الاستراتيجية منذ تسلم محمد بن سلمان السلطة عمليا، والتي دشنها بالعدوان على اليمن، لتكر سبحة الاخطاء في الجريمة المنظمة ضد المعارضين ولو كانوا من النواة الصلبة للنظام السعودي، وفي السياسة الخارجية مع الجوار وضمن مجلس التعاون الخليجي لجأت الرياض الى تمويل الارهاب في العراق وسوريا ولبنان، ومحاولة اظهار ان النظام السعودي لا زال  قويا، ويمكنه عبر الابتزاز والضغط ان يحفظ ماء وجهه المهدور على ارض اليمن، وما التعامل مع لبنان بكل تلك العنجهية الفارغة الا دليلاً بسيطاً على عقم الاستراتيجية التي تؤدي دوما الى نتائج عكسية، وان كان رأس الاهداف فيها يكمن في التطبيع مع الكيان الصهيوني. ليس هذا فحسب، فان الارباك السعودي يشهد حاليا فصلا جديدا من التناحر مع الشريك الاول في العدوان على اليمن، اي دولة الامارات، ممثلة بولي عهدها محمد بن زايد، حيث تشهد المناطق الواقعة تحت احتلال التحالف، وفي الجنوب تحديدا  صراعا ما ان يخبو شكلا، حتى يتجدد نوعا، اذ اتهم محافظ شبوة، الإمارات بخلق مليشيات مناهضة لمجموعة الفندق برئاسة عبد ربه منصور هادي، معلنا أن هناك 90 ألف من المرتزقة في كامل أنحاء اليمن ويتوزعون في المهرة، ثم حضرموت ثم شبوة ثم أبين ثم عدن وتعز والساحل الغربي".ويتسلمون رواتب من الإمارات شهريا، ، وهي "كيانات موازية دخلت مع "الدولة" اي حكومة هادي، عدة مرات في حروب وصدامات وتنفيذ هجمات واغتيالات".وأن هؤلاء الأشخاص "ليسوا موظفي دولة، بل هم مرتزقة يعملون مع دولة أجنبية، وهذه القوات لا تخضع لوزارتي الدفاع والداخلية اليمنيتين".

ان المأزق الذي يغوص فيه تحالف العدوان، يظهر ايضا بدفع المرتزقة الى الجبهات وتهديدهم بقطع رواتبهم اذا تخلفوا عن القتال، وابعاد جنودهم عن الجبهات والاعتماد على القتل بالغارات الجوية، وفي هذا السياق ولان  السعودية تدرك حتما عبثية الحرب في اليمن ، ولو لم تعلن ذلك تخفف من عديدها هناك وهذا ما جرى توثيقه قبل ايام، اذ إن القوات السعودية الموجودة في معسكر قيادة قوات التحالف في منطقة الشعب في مديرية البريقة غربي عدن، نقلت عرباتها ومدرعاتها ومعدات وعتادا إلى الباخرة "درة جدة" في ميناء الزيت قبل مغادرة المدينة، وسط إجراءات أمنية مشددة تضمنت إغلاق عدد من الطرق.وبعد انكشاف الامر برر التحالف  امام القوات التابعة له من اليمنيين لامتصاص النقمة أن "التحرك وإعادة تموضع القوات أمر معمول به في كل جيوش العالم"وان "التحركات تتوافق مع استراتيجية التحالف في منطقة العمليات العسكرية ونؤكد على الوقوف مع الشعب اليمني ودعم الجيش لاستعادة الدولة".

لم يعد امام الممسكين بالقرار في السعودية الا إعادة تقييم وتقويم استراتيجيتها  في الخارج عموما، وفي اليمن خصوصاً والخروج من نمط مراكمة الاحقاد والكبرياء المذل، بعدما انقلبت كل عنتريات الدفاع عن محافظة مأرب الغنية بالنفط  إلى اندحار قوات التحالف الذي تقوده من موقع آخر مهم، وهو مدينة الحديدة الساحلية المفصلية، الأمر الذي وصفته بعثة الأمم بـ " تحول جدي في خط المواجهة".
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل