لبنان والخليج..رؤية واقعية عبر العواصف الرملية- أمين أبوراشد

الأربعاء 08 كانون الأول , 2021 09:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

المكالمة الهاتفية الثلاثية الأبعاد، ماكرون – بن سلمان – الميقاتي، لا يجب تحميلها لبنانياً أكثر من اللازم على مستوى النتائج في ترقيع العلاقات بين لبنان والسعودية ومعها دول خليجية أخرى، سيما وأن الطرفين الدولي والإقليمي، يحتاج كل منهما الى ترقيع وضعه الشخصي، سواء كان الرئيس ماكرون الذي يسعى عشية خوض الإنتخابات الرئاسية الفرنسية لولاية ثانية، لتحقيق إنجازٍ خارجي بعد نكسة صفقة الغواصات مع أوستراليا، وقد عوَّضها فعلاً بصفقة 80 طائرة رافال مع الإمارات خلال زيارته الأخيرة، أو كان الأمير محمد بن سلمان وهو بحاجة وجه دولي بارز يغطُّ في الرياض، لكسر قيود الحظر شبه الكُلِّي عليه بعد صدور نتائج التقارير المخابراتية في حادثة مقتل الخاشقجي، في الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون من الرئيس الميقاتي أن "يشيل الزير من البير" من خلال هذه المكالمة/الحدث، والواقع أن معضلة "الزير" كبيرة بحجم الملفات الإقليمية ولبنان قُصاصة ورقٍ فيها.

أزمة العلاقات اللبنانية مع السعودية والخليج، انقسم اللبنانيون حولها كعادتهم في كل قضية، منهم مَن فاخر بأمجاد لبنان وتاريخه وفضله ثقافياً وحضارياً على كل دول الخليج، ومنهم مَن قارب الشؤون المُعاصرة جداً، من تحمُّل لبنان أوزار اللاجئين والنازحين ومواجهة العدو الإسرائيلي والإنتصار عليه بالنيابة عن العرب، ومنهم مَن ثارت ثائرته على كل ما يُشوِّش على العلاقات اللبنانية الثنائية خصوصاً مع المملكة السعودية، وتراوحت ردود الفعل بين مُستثمرين وتجار تتأثر مصالحهم مع المملكة منذ بدء ضبط عمليات تهريب المخدرات اليها عبر الشاحنات والبواخر، وبين مُقيمين في دول الخليج ويعتاشون منها في ظلّ المجاعة التي يعيشها أهلهم في لبنان.

المشكلة أن الكل في لبنان مخطىء، وهم ثلاث فئات:

الفئة الأولى، التي تتغنى بالتاريخ - وأنا منها- عليها أن تنسى الأمجاد اللبنانية وتسفير الحرف واستقدام المطابع، وأن لبنان كان جامعة الشرق ومستشفاه والواحة الخضراء وسط قيظ الصحراء، لأن دول الخليج حالياً، تستقطب أرقى الجامعات الدولية، والصروح الإستشفائية، وباتت واحات إخضرارٍ حول منشآت مدنية راقية وتقدُّم تكنولوجي مُذهل بفضل ثروات نفطية هائلة.

الفئة الثانية، التي تُفاخر بحمل الأوزار عن العرب بمواجهة كل ما ترتَّب ويترتَّب عن الوجود الصهيوني المحتل، عليها من منطلق واقع المواجهة أن تنظر عبر العواصف الرملية التي تضرب المنطقة، أن التطبيع العربي مع هذا الكيان بات من فوق الطاولة ومن تحتها، وأن "الإسرائيلي" باتت أبواب الإنفتاح عليه مفتوحة من خلال التبادل السياحي والإقتصادي والأمني واتفاقيات بعيدة المدى ترتبط بالواقع الجيو- سياسي والصناعات الحربية، والمرافىء الإماراتية مُشرَّعة لبواخر ميناء حيفا بينما مرفأ بيروت يُراد له أن يحتضر.

الفئة الثالثة، هي التي أصابت منها عمليات التطبيع مقتلاً، ولم تعُد الأخوَّة العربية ضمانة لها في دول الخليج، لا على مستوى الإستثمار والتجارة، ولا على مستوى اليد العاملة اللبنانية التي يُلوِّحون بانقطاع رزقها عند تأزُّم العلاقات، والجاليات لا تتمتَّع بالحماية الجماعية سوى من خلال ملف حقوق الإنسان الذي تُعاني منه بعض الأنظمة الخليجية مع المجتمع الدولي، لدرجة أن الرئيس ماكرون تواجه مع الإعلام عندما عيَّرته بعض الوسائل مباشرة بأنه داس على كل ريبة تجاه السعودية في هذا الملف من أجل تحقيق مصالح فرنسا الخارجية.

لذلك، وحيث أن رهانات الفئات اللبنانية الثلاث، تائهة بين ملف التآمر على القضية الفلسطينية، وبين تداعيات التطبيع، يُضاف إليها ملف العدوان على اليمن، والملف النووي الإيراني وما يستجلبه من مباحثات إيرانية - سعودية في بغداد، تبقى التسوية الأميركية للبنان، فرنسية بعلاج موضعي لوقف المجاعة ليس أكثر، لأن بوابة الشرق مفتاحها مفقود لغاية الآن بقرار أميركي وعدم حماسة شرقية، لا من روسيا ولا من الصين، وسط عدم شجاعة لبنانية في البحث عن مفتاح...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل