14 شباط ..."الحريري أخوان" وصعوبات اقتسام الإرث ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 09 شباط , 2022 09:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

الرئيس سعد الحريري آتٍ لإحياء ذكرى 14 شباط، وكذلك شقيقه بهاء الذي حجز جناحاً في أحد الفنادق الكبرى في بيروت، وبدأت ترتيبات لقاءاته مع مَن يرغب لقاءهم، وسط ترقُّبٍ لشكل إحياء الذكرى ومضمون الكلمات، علماً بأن الشكل يطغى على ما عداه، نتيجة الطلاق البائن بين الأخوَين والخلاف على إرثٍ شخصي منذ اغتيال الوالد. وليست "الحريرية السياسية" سوى عنوان عائلي فضفاض لا ترجمة له على الواقع اللبناني سوى أنه شعار لمرحلة باتت من الماضي، بل جاء تعليق سعد لنشاطه السياسي متأخراً أربع سنوات عن التاريخ الفعلي لنهاية حقبة آل الحريري، التي أرِيد لها الإنتهاء عام 2017 يوم أستُقِيل سعد من الرياض.

وليس غريباً أن تنعكس التباينات العائلية على الجماهير، في جزءٍ من الشارع الإنتخابي السنِّي وعلى تيار المستقبل، لأن كلا الأخوين شغِلا الإقليم في خلافاتهما، من الرياض الى أنقرة مروراً بالقاهرة، ولو أن العلم التركي انفرد بمنافسة العلم السعودي في شوارع طرابلس وطريق الجديدة، ومسألة خلافة الوالد هي من البداية على عاتق مَن يُكمِل مشاريعه المالية، ونتيجة الشحّ الذي يُعانيه الشعب اللبناني ومعه خزينة الدولة، جاءت انتكاسة سعد في الخليج كما رصاصة الرحمة على حالة شاذة في السياسة اللبنانية إسمها "الحريرية السياسية" يختلف حتى الأخوَان في تفسيرها، وكلاهما حريص على الإرث، والمطلوب واحد: مَن يدفع أكثر يتم التطويب بإسمه، والكلام العاطفي الذي خطف قلوب الناس عام 2005 لم يعُد سهل الهضم على معدة فارغة.

الكارثة الأكبر، لو حضَر الأخوَان الى بيروت لإحياء المناسبة ولم يلتقيا، لا على الضريح ولا على "أرضٍ مُحايدة"، خصوصاً أن الحلفاء والخصوم وبعض الجماهير ينتظرون هذه المشهدية ليبنوا على الشيء مقتضاه، علماً بأن المُتسللين الى شارع بيت الحريري كُثُر، ولو أن أبرزهم هم القوات الذين اختاروا فؤاد  السنيورة لفتح قنوات تواصل إنتخابي مع الشارع السُنِّي، لكن هذه القنوات لن تُوصلهم سوى الى نقطة الخيبة الكبرى، أولاً لأن السنيورة هو الشخصية الأكثر جدلاً من حيث السيرة الذاتية، وثانياً لأن أنصار سعد يُحمِّلون سمير جعجع مسؤولية نكسة زعيم "المستقبل" بفعل الوشاية الكبرى في الأُذُن السعودية، أن سعد ليس الشخصية القادرة على مواجهة سلاح حزب الله.

والإنطباع العام الذي بدأ يتكوَّن قبل وصول "الإبن الضال" بهاء، أن الأذرُع الشعبية ليست مرفوعة لإحتضانه، وأيدي حلفاء شقيقه سعد ليست ممدودة إليه، والجماهير في حالة ترقُّب لما سيكون عليه الحال بعد 14 شباط، لكن الثابت أن الحركة الإنتخابية وما يواكبها من مواقف سياسية لا تنتظر المزيد من المرواحة، خصوصاً أن بهاء الحريري ليس في وارد الدخول في تحالفات واسعة على امتداد الخارطة الإنتخابية، لأن الأمر مُكلِف جداً على الصعيد المادي، والنتائج غير مضمونة في صناديق الإقتراع.

في المُحصِّلة، ومهما كانت نتيجة اقتسام الأخوين للإرث الحريري، هناك وقائع على الأرض استبقت ذكرى 14 شباط، بإعلان نواب عكار ترشيح أنفسهم مُستقلِّين عن قرار الرئيس سعد الحر يري، وطرابلس ستشهد معارك ترشيحات عائلية، وبيروت أيضاً انتفضت عائلاتها لتغيير وجوه تمثيلها، وحتى البقاع الغربي ذا الغالبية السُنِّية قامت حركة "سهلنا والجبل" فيه لمواجهة ثورية ضد "كلُّن يعني كلُّن"، لكن كل هذه الساحات لا تُقارن بما سوف يكون عليه الوضع في صيدا كونها مسقط رأس آل الحريري.

النائب بهية الحريري ومعها نجلها أحمد، التزما بقرار الرئيس سعد الحريري عدم الترشُّح ولكن، إذا شاء بهاء الحريري الحفاظ على الإرث ضمن حدِّه الأدنى، سيجد نفسه مُلزماً بترشيح نفسه في صيدا وليس في بيروت، وهذه الخطوة الإلزامية لها سلبياتها أكثر من مردودها الإيجابي، لأنها سوف تُعيد حجم "الحريرية السياسية" من الخارطة اللبنانية الواسعة الى زواريب صيدا...  
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل