هل يخسر الروس الحرب؟ ـ د.ليلى نقولا

الإثنين 04 نيسان , 2022 11:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تتركز الحرب الاعلامية الغربية على "خسارة" روسية للحرب في أوكرانيا ويدرج كثيرون ومنهم الرئيس الأميركي جو بايدن، القوة الناعمة الروسية أو ما أطلق عليه جو بايدن عبارة "كسب القلوب والعقول" ضمن الخسارة الروسية، "حتى لو كسب الحرب والأرض" كما اعتبر بايدن في وقت سابق.

بغض النظر عن مسار الحرب العسكرية والتقدم العسكري الحاصل وتوقيته، وهو أمر مخصص للعسكريين لتقييمه، فمنهم من يقول أن الاستراتيجية الروسية تقضي بتجنّب الخسارة البشرية والمادية قدر الإمكان لذا فهم يتقدمون ببطء وينجحون، بينما يقول الغربيون أن الروس تفاجأوا بحجم المقاومة الأوكرانية  وأنهم يخسرون الحرب وأن لديهم نقصاً في الامدادات اللوجستية العسكرية الخ...

 بغض النظر عن هذا الجدال، كيف يمكن تقييم العملية العسكرية الروسية ونجاحها خارج الإطار العسكري لغاية الآن؟

عادةً، في أي ظاهرة سياسية في العلاقات الدولية، يتم تقييم النجاح أو الفشل عبر ما يلي:

1-  الاهداف التي تحققت والتي لم تتحقق.

2-  تقييم الوسائل التي استخدمت، والكلفة والأرباح التي تحققت من خلال استخدام تلك الوسائل.

 

1-  في تقييم الأهداف التي حققها الروس، يمكن الحكم النهائي على الحرب الاوكرانية من خلال ما ستقبل به أوكرانيا في الاتفاقية التي ستوّقع في النهاية بين الطرفين.

وبكل الأحوال، تحويل بحر آزوف الى بحر روسي داخلي، ومدّ المياه الى القرم بعد انقطاع دام سنوات (منذ 2014) وربطها جعرافياً بالدونباس، والسيطرة على الجغرافيا التي تشكّل أقاليم الدونباس بالكامل، وربطها بروسيا أو ضمّها اليها فيما بعد، وتدمير البنية العسكرية الأوكرانية التي بناها الأميركيون والناتو خلال سنوات طويلة، والتفاوض على الوضع المحايد لأوكرانيا وقبول أوكرانيا بالتعهد بعدم انضمامها الى الناتو مستقبلاً، يعدّ نجاحاً تاماً للأهداف الروسية الموضوعة مسبقاً قبل بدء الحملة العسكرية.

 

2-  أما بالنسبة للأكلاف، فلا شكّ أن الغرب استطاع أن يكبد روسيا خسائر اقتصادية ومالية منذ اليوم الأول لبدء الحرب، وحتى قبل بدء الحرب، حين اندفع الغرب (والأميركيون خصوصاً) الى العقوبات بمجرد أن أنهى بوتين خطاب "الاعتراف باستقلال الجمهوريات"، ومنها العقوبات على نورد ستريم 2. تكبد الروس أيضاً خسائر بشرية وحربية وعسكرية، وهذا متوقع في حرب عالمية، تخوضها أوكرانيا ضد روسيا بالوكالة عن الغرب وحلفائه.

لكن الخسائر الروسية لم تكن من دون خسائر في الجهة المقابلة، سواء في كييف أو في الغرب، فالكلفة الاقتصادية التي تكبدها الاقتصاد الروسي لم تكن من دون مقابل في الاقتصادات في العالم، حيث ارتفعت أسعار الطاقة والتضخم، واستقبلت أوروبا ملايين المهاجرين الجدد، وبات على أوروبا أن تفتش على مصادر بديلة للطاقة سوف تحصل عليها بأسعار أعلى بكثير من الغاز الروسي الأوفر بسبب القرب الجغرافي.

الردّ الروسي بفتح أسواق جديدة للغاز الروسي، ومنها الصين والهند، والشروط التي وضعها بوتين على بيع الغاز الروسي بالروبل، عوّضت الخسائر التي مُني بها الروبل في روسيا، ويُتوقع أن يتأقلم الاقتصاد الروسي على المدى المتوسط والطويل مع العقوبات الاقتصادية والمالية التي تمّ فرضها والتي يبدو أنه يتم التراجع عن العديد منها بلا إعلان، ومنها زيادة الطلب الأميركي على استيراد الغاز الروسي، والتي بحسب أحد المسؤولين الروس "زادت الولايات المتحدة إمدادات النفط من روسيا بنسبة 43% في الأسبوع الماضي".

بكل الأحوال، ليست كل الأرباح والخسائر تقاس بالمال، فهناك الأرباح الاستراتيجية التي يمكن للدول أن تضحي بالمال والرجال من أجل تحقيقها وهو ما يبدو في حالة روسيا وأوكرانيا، حيث أن الربح الاستراتيجي المتوقع من الحرب ومن تحييد أوكرانيا وتحويلها الى دولة منزوعة السلاح، بالاضافة الى تشكيلها "عبرة" لدول جوار روسيا الآخرين، هو هدف استراتيجي لروسيا "تهون معه الأكلاف الأخرى" بحسب التفكير الاستراتيجي الروسي.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل