الانطلاقة المُّوشحة بالحزن ـ رامز مصطفى

الأربعاء 13 نيسان , 2022 10:44 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تأتي الذكرى السابعة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة في الحادي عشر من نيسان هذا العام مُّوشحةٌ بالحُزنِ. حزنٌ أنها المرة الأولى التي تفتقد إلى مؤسسها وقائدها التاريخي الرفيق الشهيد المقاوم أحمد جبريل.

كيف لا، وهي التي بدأت مشوار مسيرتها النضالية والكفاحية على إيقاع وعيه ورؤيته الثورية، وإلى جانبه رفاق دربه الطويل في تحمل مسؤولية تلك الانطلاقة قبل 57 عاماً مضت، والتي لم تكن مفروشة بالورود والرياحين، بل بمسالك متعرجة من التشكيك والاتهام والملاحقةً والزج في غياهب السجون، وفقدانٌ لأعزاء اللُبنات الأولى للجبهة من الشهداء والأسرى.

حزنٌ على من واكبها وحرِصّ أن يضعها على سكة نضالنا الوطني الفلسطيني كفصيل مؤسس وطليعي في الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي انطلقت من قلب أزقة البؤس والتشرد في مخيمات اللجوء والشتات، في إبداعٍ ثوريٍ خلّاق بشّر بفجر جديد لثورة شعبٍ قرر مواجهة العصابات الصهيونية المغتصبة لأرض وطنه فلسطين بأسلوب الحرب الشعبية طويلة الأمد، وبالكفاح المسلح الطريق الأساس لتحرير فلسطين.

ذاك الرهان الذي بقيت الجبهة في ظل قيادته تراهن عليه، وفي غيابه لا زالت متمسكةً به كخيارٍ سار على دربه الشهداء والأسرى والجرحى والمقاومين والمناضلين من أبناء شعبنا الفلسطيني.

حزنٌ على مَن قرأ تاريخ أمته ووطنه في القلب منها، وحفظ لقادتها وأبطالها وعظمائها ذاك الإرث الوطني والقومي المُشرف من تاريخنا المجيد. ولمن أدرك بعد تيقّن واعٍ أنّ معركة تحرُرِنا الوطني تستلزم تحشيد كل الطاقات وزجها في الصراع المحتدم مع المشروع الصهيوني، فدعا للتكامل بين ما هو وطني وإسلامي وقومي.

حزنٌ على أيقونة نضالنا ومشوار كفاحنا الطويل، الذي امتشق بندقيته سالكاً كل الدروب في البر والبحر والجو، غير آبهٍ أو هياب بحدود سايكس بيكو صنيعة الاستعمار وأعوانه.

يتقدم الصفوف التي ما ضلّت طريقها نحو فلسطين، رافضاً كل ألاعيب السياسة ومغرياتها التي تبعده عن معشوقة تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، التي لا معشوقة سواها.

حزنٌ على من صان أمانة الشهداء وعوائلهم، وهو واحدٌ منهم، قبل أن ينضم إلى صفوفهم. وحزنٌ على من حمل قضية الأسرى، فكان الوفي بعهده لهم، مُرغمِاً قادة العدو الصهيوني على إطلاق 1229 مناضلاً من أبطالنا في سجونه في عمليتي النورس والجليل.

الجبهة في ذكراها السابعة والخمسين وإن كانت حزينة لغياب رمز انطلاقتها. ولكن العزة والفخار بأنّ مسيرتها النضالية والكفاحية التي تعمدت بدماء وعرق وجهد أبنائها، هي اليوم على ذات الطريق لن تحيد عنه مهما غلت وكبرت التضحيات.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل