اوروبا وآسيا ضحايا سياسات واشنطن ضد روسيا‎‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 19 نيسان , 2022 01:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تقترب العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا من خواتيمها , وفق المؤشرات الميدانية , وان حاول حلف شمال الاطلسي, الذي فقد تسميته مع تمدده باتجاهات مختلفة ,من جر روسيا عبر القتال حتى اخر اوكراني الى عملية استنزاف طويلة الامد , ومسلسل طويل من الاكاذيب وتوقعات لم تفلح في ثني الاصرار الروسي على اجتثاث الفصائل النازية ومن يدعمها من "الشروش"

لقد اوقعت الولايات المتحدة من تسميهم حلفاءها , وهم قد اظهرتهم الوقائع في تصغير اكتافهم امام الصلف الاميركي , والانصياع لرغبات واشنطن الجامحة في استمرار سيل الدم واستنزاف القدرات الاقتصادية لدولهم خصوصا , اظهرتهم مجرد بيادق على رقعة يحاولون تقديم شعوبهم واقتصادياتهم من اجل حماية امبراطورية الشر _ الولايات المتحدة الاميركية.

بات واضحا ,ان اكثر من تضرر من العقوبات الاميركية على روسيا هي اوروبا ولا سيما المانيا المعروفة بانها اكبر واقوى اقتصاد في اوروبا , ويكفي الاشارة الى  تحذيرجمعيات البناء الألمانية، من انخفاض كبير في وتيرة بناء المساكن في البلاد في العام القادم.وقال هانز ماير، رئيس جمعية صناعة الإسكان البافارية، : "سيكون هناك ركود، وهو بالمناسبة كبير للغاية".وصرح ممثل شركة "فنو" في هامبورغ قائلا: "86 ٪ من تعاونيات الإسكان وشركات بناء المساكن ذات التوجه الاجتماعي في شمال ألمانيا تقيم حاليا آفاق البناء الجديد على أنها سيئة، أو سيئة للغاية"

وهذه التحذيرات لم تشمل ما اقتنع به الالمان حكومة وشعبا , وخصوصاً لجهة استحالة الاستغناء عن امدادات الطاقة الروسية - الغاز وخلافه- وهذا لا يشمل فقط المانيا وانما اوروبا كلها والعديد من دول العالم ,التي تجتاحها ازمات التضخم غير المسبوقة بما فيها الولايات المتحدة  , بفعل السياسة الاميركية الارتجالية في الانتقام من روسيا , ولو ادى ذلك   الى ان يموت الاوروبيون , جوعا وبردا لا بل فناء اوروبا التي كانت تعمل على التخلص من القبضة الاميركية على عنقها, من خلال العمل على بناء جيش اوروبي مستقل , واتساع الدعوات الى مغادرة القواعد الاميركية بلادهم , وليس فقط الاوكرانيين .

ان السياسة الاميركية المغامرة , على كل الصعد , والضغط على الحلفاء بالتهديد اشعرت الاوروبيين أنهم اكثر من يدفع الثمن وان  البروباغندا الاميركية عن اسباب التضخم غير مقنعة بالمطلق ,بان ما يجري في اوكرانيا هو السبب.وترسخت القناعة اكثر لدى الشرائح الاوروبية ان العقوبات الاقتصادية الغربية غير المدروسة بقيادة الولايات المتحدة ضد روسيا، قد أدى إلى تفاقم التضخم العالمي".الذي اسست له جائحة كورونا 

من الواضح ايضا ان الادارة الاميركية لا تكتفي باخضاع اوروبا الى سياستها , بل مدت اذرعها الاخطبوطية للنيل من الدول الاسيوية وعلى رأسها الهند , ولا سيما بعد التحريض على رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الذي اجبر على التنحي جراء تهديدات قرر ان يدفع ثمنها شخصيا على ان يجر بلاده الى حرب اهلية , وهذا الامر ارادته واشنطن درسا لكل من يمتنع عن تلبية غرائزها , ولذلك فان الهند , ثاني اكبر دولة من حيث السكان  والاستهلاك ,تعيش ضغوطا اميركية هائلة علانية وسرية,بالاضافة الى دول اخرى يحتمل ان تواجه تلاعبا في استقرارها سيما ان الكثير من الدول الاسيوية مستنزفة وضعيفة  ومسألة انهيار الاستقرار الاجتماعي داخل هذه البلدان قابل للاشتعال بسرعة النيران في الهشيم.ومع ذلك فان في تلك الدول خلافا للاوروبيين ,قادة يعرفون ان يوازنوا بين مصالح شعوبهم  وبين التملص ما امكن من الضغوط الاميركية المغرية في بعض جوانبها ,لذلك، فهم لا يغامرون في لعبة  المخاطر. سيما ، الجميع معتاد على حقيقة أن الولايات المتحدة في حالة حرب، وتطالب حلفاءها بالتدخل، مع فهمهم أن المواجهة كان يمكن تلافيها. مع الفهم العميق ايضا ان الولايات المتحدة تدفع الآن حلفاءها بالذات إلى خط المواجهة. لذلك سيكون هناك في آسيا عدد قليل من الراغبين في التورط بالألعاب الأمريكية.مع الحرص على عدم الوقوع في فك أميركا المفترس ,وأخذاً بالاعتبار  ما عانته الحكومة الباكستانية.

هناك شبه اجماع دولي ولكن هناك من لا يقوى على المجاهرة بالحقيقة  بان العقوبات الغربية تلحق ضررا خطيرا بمصالح الدول النامية غير المحمية من التضخم المرتفع في استيراد المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى، وان  الولايات المتحدة طالما اشعلت و تشعل الحروب لبيع الأسلحة والاستيلاء على الموارد الطبيعية،.وهو ما اختصرت صورته صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية بإن الولايات المتحدة تأمل في بقاء الصراع في أوكرانيا لأمد طويل خدمة لمصلحتها الجيوسياسية الخاصة ومصنعي الأسلحة الأمريكيين.فبعد بداية الأزمة الأوكرانية، كان كل ما فعلته واشنطن تقريبا هو إطالة أمد الصراع، ولهذا الغرض، تم تنفيذ جميع أنواع التعبئة والجهود (من قبل واشنطن فيما يخص الصراع).وكذلك من أجل الحصول على "مكاسب جيوسياسية" من التلاعب بأوروبا والناتو تحت غطاء "التهديد الروسي".وخلصت الصحيفة وفق خبراء إلى أن "المجمع الصناعي العسكري الأمريكي هو المستفيد المباشر والأكبر من إطالة أمد الصراع".

بالمقابل كان لافتا ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن سياسة العقوبات التي انتهجها الغرب والتي كانت تهدف إلى توجيه ضربة خاطفة للاقتصاد الروسي قد فشلت. الرئيس الروسي في كلمة خلال اجتماع حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية،: "من الواضح أن العامل السلبي الرئيسي للاقتصاد في الآونة الأخيرة هو ضغط العقوبات التي تفرضها الدول الغربية"، مشيرا إلى أن "الهدف كان تقويض الوضع المالي والاقتصادي في بلدنا بسرعة، وإثارة الذعر في الأسواق، وانهيار النظام المصرفي، ونقص السلع في المتاجر على نطاق واسع".و"بالإضافة إلى ذلك، لم تمر العقوبات على المبادرين أنفسهم عبثا. وأقصد بذلك نمو التضخم والبطالة، وتدهور الديناميكية الاقتصادية في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتدهور مستوى معيشة الأوروبيين، وانخفاض قيمة مدخراتهم".
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل