بيت العنكبوت الصهيوني، وعناكب البيت اللبناني ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 21 أيلول , 2022 08:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

 كسِبَ لبنان الرهان بقدرة مقاومته في استحقاق أيلول على العدو الإسرائيلي، بمنعه من مباشرة استخراج الغاز في الشهر المذكور من حقل كاريش، قبل انتهاء المفاوضات التي تحصل بشأن ترسيم الحدود البحرية، وتحفظ حق لبنان في التصرف بخيراته، ليس فقط في محيط كاريش، بل في كافة البلوكات المنتشرة ضمن مياهه الإقليمية، وحُرِم لسنوات من العمل على استخراج الغاز منها، خاصة بعد تطبيق قانون "قيصر" الأميركي الذي دفع بشركة توتال الى وقف أعمالها بطريقة مشبوهة.
 
 تأجيل موضوع مباشرة "إسرائيل" الإستخراج من حقل كاريش في أيلول، لم يمنعها من محاولة "الصيد" حوله بأعمال تقنية تجريبية، لكن السيد حسن نصرالله في آخر إطلالة له قال، أنه بعيداً عن الإعلام، تمّ إبلاغ حكومة العدو عبر وسطاء، أن الإقتراب من كاريش ممنوع حتى لدواعٍ تجريبية قبل انتهاء المفاوضات مع الجانب اللبناني الى نتيجة إيجابية، وفعلاً تراجعت إسرائيل عن استكمال التجارب الفنية.
 
 نصرٌ لبناني تحقق في أيلول على إسرائيل، وإحراج حياتي ومعيشي لأوروبا التي كانت تنتظر الغاز الإسرائيلي من كاريش، تحديداً في أيلول قبل بدء فصل الشتاء والبرد، و يبدو أن بعض البلدان الأوروبية تقرأ جيداً القدرات الردعية اللبنانية والتحذيرات الجدية للمقاومة، وأقدمت على تغيير موارد استيراد الغاز من قطر وطاجيكستان وسواهما بعد فقدان الأمل من قدرة "إسرائيل" على الإيفاء بوعود الإتفاق قريباً خصوصاً أن الشتاء قد حلّ فعلاً في أوروبا.
 
 هذه الهيبة التي فرضتها المقاومة سواء على تل أبيب أو العواصم الأوروبية التي راهنت على كاريش، لتعويض بعض ما أنتجته العقوبات الأميركية / الأوروبية على روسيا، توازيها للأسف هزالة سياسية داخلية كما في كل الإستحقاقات الوطنية، وتبدو بعض الجهات في لبنان أشبه بالعناكب، في نسج خطط تشبهها، وهي تُدرك أنها أوهَن من خيطان بيت العنكبوت، سواء عبر عملية اللف والدوران لتشكيل حكومة تكون دستورياً قادرة على شغل الفراغ المُحتمل في مركز رئاسة الجمهورية، أم لجهة السجالات الدُّونية القاصرة في طرح الموازنة ومناقشتها في المجلس النيابي، وقد أحسن السيد حسن نصرالله توصيف ما يحصل من مداخلات نيابية أنها "القلَّة التي تولِّد النقار".

لا أحد يفهم بلادة المُكلَّف بالتأليف، ولا أحد مُبرَّر له هذا التسويف في مسألة تشكيل الحكومة، ولا يأبه الشعب اللبناني لكل الأسماء المُتداولة لكرسي بعبدا، سواء كانت مقبولة، أو شبه مقبولة، أوعديمة الفائدة ومُعادية لمصلحة لبنان كالتي يورِدها أمثال السيد سمير جعجع في هلوساتهم، والكباش الحاصل مع العدو في محيط حقل كاريش كان يوجِب على الميقاتي تشكيل حكومة بسرعة تفوق سرعة طائرته التي يسوح بها، سواء للقيام بواجب تقديم العزاء في لندن – ولا أحد عاتب عليه لو لم يذهب – ولا الى الأمم المتحدة وهو يحمل صفة نصف رئيس حكومة، وما أنجزه الوفد التقني في طهران خلال ساعات لإستيراد الفيول الإيراني لم ينجزه أي رئيس حكومة.

إن عدم حصول تشكيل حكومة جديدة قبل حلول استحقاق أيلول، كان جريمة موصوفة ومقصودة بحق الشعب اللبناني، وبحق المقاومة التي تخوض حول كاريش معركة خبز المستقبل للأجيال اللبنانية، لا بل معركة الأمل  الوحيد الباقي لشعبٍ جاع وبات عاجزاً عن شراء كسرة خبز، ولا أهمية لأية حكومة بعد أيلول سوى لملء فراغ رئاسي يعمل الكثيرون من العناكب على حصوله لمزيدٍ من التدهور، ويتشارك الجميع عن قصد أو غير قصد بذلك، ونحن نشاركهم لعنة الناس على كل عنكبوت سياسي، سواء كان برعماً نبتَ حديثاً في الإنتخابات النيابية الأخيرة، أو كان ورقةً خريفية في آخر أيامها وينتظر اللبنانيون سقوطها عن صدورهم وعن صدر الوطن...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل