ملف الترسيم وظروف النصر اللبناني! ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 11 تشرين الأول , 2022 01:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما تسلَّمت حكومة العدو الإسرائيلي الملاحظات اللبنانية حول مفاوضات الترسيم عبر الوسيط الأميركي آموس هوكستين، حصلت كالعادة حركة استنفار عسكرية على الحدود مع لبنان، وسط ذُعرٍ معتاد في أوساط المستوطنين على امتداد المنطقة الشمالية المُحاذية للحدود مع الجنوب اللبناني، رغم التأكيدات الحكومية الصهيونية أن الحرب غير واردة، وأن الملاحظات اللبنانية سوف يتمّ الردّ عليها بملاحظات "إسرائيلية"، لكن مشكلة المستوطنين أنهم لا يُصدِّقون حكومتهم، خصوصاً وسط التجاذب السياسي الداخلي عشية إنتخابات الكنيست المقررة في الأول من تشرين الثاني المقبل، مترافقاً مع تشكيك النخبة السياسية والعسكرية بالجهوزية القتالية للقوات البرية، وانعدام جهوزية هذه القوات بالذات، يُقلق سكان الشمال دون سواهم، ويتوقعون هجوماً برياً مُعاكساً من لبنان في أية لحظة وعند أول طلقة.

توازن القوة، أو الردع، أو الرعب، الذي فرضته المقاومة في لبنان على المجتمع الشعبي الصهيوني، يترافق مع عدم استقرار سياسي في "إسرائيل"، والانتخابات القادمة هي الخامسة في غضون 4 سنوات، دون استبعاد إجراء انتخابات سادسة في ظل استعصاء وجود مرشح قادر على تجنيد 61 عضواً على الأقل من أعضاء الكنيست الـ 120 لتشكيل حكومة، بما يعني أن إسرائيل ليست أفضل حالاً من لبنان لناحية الإستقرار السياسي، خصوصاً لناحية الصراع على رئاسة الحكومة بين جناح يمين الوسط بقيادة يائير لابيد، وأقصى يمين التطرُّف بقيادة بنيامين نتانياهو، لا بل أن لبنان اعتاد على الفراغ الرئاسي والضياع الحكومي من دون أن يفقد سرّ توازن المواجهة الكامن في معادلة المقاومة.

وبصرف النظر عن بعض "المُتأسرلين" في لبنان، وتشكيكهم بالقدرات التفاوضية اللبنانية، فإن الترسيم سينتهي الى اتفاق، غير مباشر طبعاً، ومن خلال وثائق يتم إيداعها لدى الأمم المتحدة، ولا يتضمن أي إقرار لبناني بترسيم حدود لا بحرية ولا برية، بل تحديد حقوق استخراج الغاز والنفط من الآبار وليس أكثر، ولا خيارات أمام العدو الإسرائيلي ولا هامش مناورة، سوى ما توصلت إليه المفاوضات المكوكية التي يجريها هوكستين، بصرف النظر عن استبدال عبارة أو كلمة في المسودة النهائية من هذا الطرف أو ذاك، وتوقعت صحيفة هآريتس أن يتم التوصل الى إقرار الإتفاق النهائي في العشرين من تشرين أول الجاري، مع توقُّعات رئاسية لبنانية بالوصول الى نتيجة إيجابية خلال أيام.

وإذا كان سرّ قدرة المواجهة في لبنان بات معروفاً، فإن القلائل يتداولون سرّ نجاح الوسيط الأميركي آمون هوكستين في إدارته للمفاوضات، رغم الأمور الضاغطة على الخارجية الأميركية، خصوصاً في الملفات الدولية الكبرى الموضوعة على "الصفيح النووي"، سواء الجبهة الروسية مع أميركا والناتو في أوكرانيا، أو مسألة الحرب النفطية المُستجدَّة وتداعياتها على أوروبا، التي نزلت جماهيرها الى االشوارع في العديد من الدول، نتيجة التضخُّم والغلاء وفقدان موارد الطاقة، وهنا تبدو مهمة هوكستين بين لبنان وإسرائيل وكأنها جائزة ترضية من أميركا الى أوروبا التي تنتظر الغاز من حقل كاريش.

وللمزيد من الإيضاح حول سرّ نجاح هوكستين في مهمته الأميركية/ الأوروبية، فإن الرعاية لمهمته هي فرنسية بالدرجة الأولى، وهي انتصارٌ سياسي لفرنسا على المستويين الدولي والأوروبي، وهي استثمار مُجزٍ لشركة توتال الفرنسية التي تحتكر التنقيب والإستخراج على المقلبين اللبناني و"الإسرائيلي"، وهي مُتنفَّس جزئي للقارة الأوروبية من خنقة العقوبات الأميركية الإعتباطية على روسيا وارتدَّت على أميركا وأوروبا انهياراً اقتصادياً واجتماعياً،  وكائناً مَن كان يرعى مهمة هوكستين، فإن الغاز المُستخرج حاجة عالمية، ودخول لبنان عالم الدول النفطية في ظروفٍ دولية مؤاتية بات حتمياً وبنصرٍ لبناني جديد...

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل