الرابية - معراب، فراق نهائي على مفرق بعبدا ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 19 تشرين الأول , 2022 07:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

سبق لنا بعد إنجاز اتفاق معراب في بداية العام 2016، بين التيار الوطني الحر و"القوات اللبنانية"، أن تمنينا التوفيق، من منطلق الترحيب بأي تفاهم بين الفرقاء اللبنانيين، لكننا لم ننصح يومها بقرع الأجراس ابتهاجاً، لأننا ندرك أن لا كيمياء تجمع العونيين بالقوات ولا بأية ميليشيا أخرى.
وإذا كان التيار هو الكادر السياسي للحالة العونية، فهذا لا يعني أن مَن رأوا في التيار حزباً وطنياً مُناصراَ لمؤسسة الجيش اللبناني يمكنهم العودة إلى الوراء ومُسايرة الميليشيات، كل الميليشيات. يومذاك، باتت عبارة "أوعا خيَّك" مادة للتداول الساخر على مواقع التواصل، بصرف النظر عن تبادل الإتهامات حول مَن هو "قايين"، ومَن هو "هابيل" بين "الأخوين".

ومشكلة انتفاء الكيمياء بين التيار الوطني الحر والآخرين  كانت شاملة معظم القوى السياسية طيلة ولاية الرئيس ميشال عون، بإستثناء حزب الله، لأن تلك القوى المُستقوية بالخارج، حمَّلت التيار مسؤولية تردِّي الأوضاع وكأنه هو الحزب الحاكم، ولم يُنصفه أحدٌ سوى السيد حسن نصرالله الذي لدى سؤاله عن أداء الرئيس عون، كان يكرر أن الرئيس يقوم بواجبه وفق الصلاحيات المُعطاة له في اتفاق الطائف.

ولأن العونيين دفعوا الأثمان المُضاعفة، أولاً لأنهم من ضمن شرائح المجتمع اللبناني المُنهار إقتصادياً، وثانياً كونهم بنظر عديمي الذمم، يتحملون مسؤولية نتائج كل الموبقات التي ارتكبتها الحكومات الفاسدة التي تعاقبت على مدى ثلاثة عقود، تفرَّدت أبواق معراب طيلة عهد الرئيس عون بفرز الحقد "القاييني" على العونيين، ربما لأن ساكن معراب ممنوع عليه وطنياً أن يسكن بعبدا ولو ليومٍ واحدٍ لأسبابٍ ترتبط بالسيرة الذاتية، واستمرار التمادي في الإنبطاح للخارج الدولي والإقليمي، كما رأس الحربة في الهجوم على شريكيّ تفاهم مار مخايل، مع إدراكه، أن معزوفة نزع سلاح المقاومة باقية في العراء كما الهواء، ضمن الشعارات التي رفعها في الطرقات خلال الحملة الإنتخابية الماضية، وأنه، مع كل المطبِّلين الحاقدين على المقاومة، لن يستطيعوا نزع خرطوشة واحدة من ذخيرة الحزب، ما دام خطر العدو الإسرائيلي قائماً.

وعليه، وبمناسبة قرب انتهاء ولاية الرئيس عون، وتحرره من قيود المنصب الرسمي، ومن الشراكة التي كان مُلزِماً بها لبعض الفاسدين في مختلف السلطات، التشريعية والتنفيذية والقضائية، فإن انتقاله الى الرابية هو المرحلة الإنتقالية الكبرى في مسيرة العونيين، وفرصتهم السانحة للتحرر من الفاسدين، ومن العملاء المتآمرين، وننتهي بخلاصة حول مصير العلاقة بين العونيين و"القوات" - ما دامت تحت أمرة جعجع- ما يقطع الشك باليقين عبر وضع النقاط على آخر الحروف.

عندما كان البطريريك الراعي مطراناً على جبيل، قال أن المسيحيين منقسمون، بين مسيحيين سنَّة نسبة الى علاقة القوات بالحريرية السياسية، ومسيحيين شيعة نسبة لعلاقة العونيين بحزب الله، وهنا لا بد من التصويب، ان المسيحيين منقسمون، بين جماعة تاريخها هو إقامة الكانتون الإنعزالي المشبوه الذي سيبقى يُراودها، وجماعة حلمها الوطن السيادي من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، وصولاً الى آخر نقطة مياه ونفحة غاز وقطرة نفط، وما كان حصل لبنان على هذه الخيرات لولا عهد ميشال عون، والمعادلة المقدسة التي لا يُسقطها الخرطوش الفارغ، والفراق النهائي مع أدوات العمالة والفساد قد وقع، ويتحرر العونيون منهم على مفرق بعبدا عند عودة قائدهم الى الرابية...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل