العوامل المعلنة والخفية خلف انشغال "إسرائيل" المفرط بمحمد الضيف

الخميس 28 كانون الأول , 2023 01:28 توقيت بيروت فـلـســطين

الثبات ـ فلسطين

 منذ مساء الأمس، تنشغل الصحافة العبرية بصورة جديدة للقيادي في حركة “حماس” محمد الضيف انشغالاً مفرطاً يستبطن عدة دلالات، ترتبط أيضاً بنشوب الحرب على غزة، بدايتها ونهايتها.

والضيف (58 عاماً) من الشخصيات النادرة التي باتت أسطورة بعيون الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. ينتمي لعائلة فلسطينية من قرية كوكبا، وهي فلسطينية مهجّرة إلى قضاء غزة، منذ نكبة 1948، واسمه الأصلي محمد دياب إبراهيم المصري، وعُرف بـ “الضيف” بسبب حذره وزياراته القصيرة للبيوت، وكأنه ضيف يأتي وما يلبث أن يغادر. عنده؛ الزيارة غارة.

الضيف متهم من قبل إسرائيل بالتخطيط لعمليات عسكرية كثيرة منذ انضمامه لـ “حماس” في تسعينات القرن الماضي، ويصنّف من قبلها كتلميذ للمهندس الشهيد يحيى عياش. وفي 1993، عيّن قائداً لـ “كتائب القسام”، الذراع العسكري لـ “حماس”. ولذا فالضيف هو أسطورة في وعي الفلسطينيين أيضاً.

 في إحاطته، رفضَ الناطق العسكري الإسرائيلي دانئيل هغاري التطرّق للموضوع، مكتفياً بالقول: “إننا لا نبحث عن صورته، بل نبحث عنه لنقتله”.

لكن مختلف وسائل الإعلام العبرية تناولت الصورة، ونشرتها بعدما شطبت منها صورة رجل آخر لجانبه يقال إنه مساعده.

ويبدو أن هناك عدة عوامل خلف الانشغال الإسرائيلي الإعلامي المفرط في صورة محمد الضيف، أولها حقيقة كونه قيادياً عسكرياً بارزاً في قمة القيادة الحمساوية، في العقود الأخيرة. له قدرة على التفكير والتخطيط الإستراتيجي. كذلك فإن محاولات إسرائيل الفاشلة المتكرّرة لاغتياله، خاصة بعد عمليات “حماس” في العمق الإسرائيلي، ثأراً لاغتيال يحيى عياش قد ساهمت في تحويله لأسطورة تسترعي الاهتمام، وتشعل الفضول، وحب الاستطلاع لمعرفة “طائر الفينيق” من غزة، الذي نجا وما زال يهدد إسرائيل.

في محاولة الاغتيال الفاشلة الأولى كان محمد الضيف شارك بقية قيادة “حماس” في اجتماع تمّ داخل الطابق الأول في واحدة من عمارات حي الرمال في غزة، في السادس من أيلول/سبتمبر 2003، لكن الصاروخ الذي أطلقته طائرة إسرائيلية، بزنة ربع طن ديناميت، قد استهدف الطابق الثالث، فنجا المستهدفون في هذه العملية التي أسماها جيش الاحتلال “قطيف البرقوق”، ومن وقتها لم تتوقف المحاولات التي أصابت الضيف بجراح.

بالإضافة للصورة التي تلفها الضبابية، بسبب اختفائه عن الأنظار، وتزهّده في الظهور علانية، وندرة صوره الإعلامية (آخر صورة له نشرت عمرها 30 سنة)، فإن هذا الاهتمام الإسرائيلي الواسع يعود لاتهامه إسرائيلياً بالتخطيط للضربة الإستراتيجية “طوفان الأقصى”. وما زاد هذا الانشغال الإسرائيلي به هو الكشف، قبل أسبوع، عن أشرطة فيديو( قال جيش الاحتلال إنه عثر عليها خلال التوغّل البري) تظهر أن الضيف بصحة جيدة، ويسير على قدميه مع عرج بسيط، ويحرّك يديه بشكل طبيعي بخلاف التقارير الاستخباراتية والإعلامية عن تحوّله، منذ سنوات، لشخص معاق لم يتبق منه سوى عين ويد، ما أطلع الإسرائيليين على إخفاق استخباراتي جديد، يضاف للفشل الذريع في السابع من أكتوبر.

مثل هذه الصور والفيديوهات لمحمد الضيف، تزامناً مع حرب طالت، وفشلت في اغتيال قيادة “حماس” وتدميرها، وفي تحقيق بقية أهدافها، تترك مفاعيل كبيرة في نفوس الإسرائيليين، لأنها تنتج ما يعرف بعلم النفس بـ “التنافر المعرفي”، “ديسونانس”.

 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل