عصاة لودريان.. وجزرة هوكشتاين ــ عدنان الساحلي

الجمعة 31 أيار , 2024 11:51 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يدرك كل من يتابع حراك المبعوثين الغربيين إلى لبنان، وتحديداً رسائل وتسريبات المبعوث الأميركي مستشار الرئيس بايدن؛ الضابط السابق في جيش العدو "الإسرائيلي" عاموس هوكشتاين، التي يغطي بها غيابه عن الحضور إلى لبنان، مادامت رغباته ليست قابلة للتنفيذ، قبل وقف العدوان على غزة، وكذلك مواقف وتصريحات وتسريبات المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، المتنقل بين مكاتب الساسة اللبنانيين، أن جل ما يريده الرجلان وإدارتي بلادهما، هو تحقيق أمن العدو "الإسرائيلي" وإعادة نازحي مستوطناته الشمالية، بغض النظر عما يريده لبنان أو أهل غزة الذين شعروا بهزات أرضية خلال القصف "الإسرائيلي" الأخير على أماكنهم السكنية، فاذا بها ليست هزات، بل هي ارتجاجات انفجار القنابل الثقيلة التي وفرتها الإدارة الأميركية للعدو، لعله يدمر بها أنفاق المقاومين في غزة، التي ما تزال عصية على جيش الغزاة الصهاينة.
يضع المبعوث الأميركي هوكشتاين على راس أولوياته، المطلب "الإسرائيلي" بإعادة سكان مستوطنات العدو في الجليل، وكذلك سكان قرى وبلدات الجنوب اللبناني، المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة، الذين هجرتهم الحرب الدائرة هناك منذ الثامن من تشرين 2023، التي أعقبت عملية "طوفان الأقصى" البطولية، التي نفذها المقاومون الفلسطينيون انطلاقاً من قطاع غزة، الذي ما زال يتعرض لحرب تدمير وإبادة على يد جيش الاحتلال، بعد حصار خانق يتواصل منذ عشرات السنين.
واللافت أن هوكشتاين على خطى إدارته في توفير الوقت والشروط للكيان "الإسرائيلي" ليحقق ما يريده من سياسة وأمن، يسعى لتحقيق ما يسميه "تفاهمات متتالية وحزمة مساعدات، جزءاً منها تعزيز القوات المسلحة اللبنانية،  ثم حدود معترف بها بين البلدين على عدة مراحل".
فهوكشتاين، يعمل على تقسيط الحل، بحيث يعيد المهجرين أولاً، ثم ينتشر الجيش اللبناني في الجنوب، بعد تعزيزه، كما جرت العادة، بخردة مستودعات الجيش الأميركي، التي لا تتيح له القدرة على مواجهة أي عدوان "إسرائيلي"، هذا إذا قرر مخالفة الشروط الأميركية بمنع استعمال هذا السلاح ضد الجيش "الإسرائيلي"، فيكون تعزيز وجود الجيش لحراسةً حدود الاحتلال، مثلما تفعل بقية جيوش البلدان العربية، المحكومة بالتطبيع مع العدو، أو العاجزة عن مواجهته، فتتحول بالتالي إلى قوة حراسة تحمي هذا العدو من أي عمليات مقاومة،
والسؤال الذي على المسؤولين اللبنانيين توجيهه لهوكشتاين: ما الذي سيدفع العدو "الإسرائيلي" إلى تلبية مطالب لبنان بإعادة ما يحتله من أراضيه، مادام أنه يحقق مسبقاً للعدو ما يريد، إن كان لجهة عودة نازحي المستوطنات، أو نشر الجيش اللبناني و"اليونيفيل" على الحدود؟ ولماذا لا تسبق التفاهمات على الأرض حسب الخرائط الدولية، أي ترتيبات أخرى، فيضمن لبنان استعادة أراضيه ويكون نشر الجيش والقوات الدولية، لحماية الأرض اللبنانية؛ وليس لحراسة ما يحتله العدو من هذه الأرض؟ لأن ما يتحدث عنه هوكشتاين من "حزمة مساعدات اقتصادية للبنان"، بما فيها تحسين ساعات توزيع الطاقة الكهربائية لتصبح 12 ساعة، ستكون رشوة لإسكات لبنان عن المطالبة بانسحاب جيش الاحتلال من أراضيه، فهدف العدو "الإسرائيلي" الذي يعمل هوكشتاين على تحقيقه، هو تحييد عمل المقاومة، بما يضعف موقف لبنان بخسارته احدى أقوى أوراقه في هذا الصراع. وهذا ما يصرح عنه هوكشتاين بوضوح، عندما يقول "إذا استقر الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، فقد يساعد ذلك في تقليص نفوذ إيران"، والواقع أن نفوذ إيران هو مشكلة أميركية و"إسرائيلية"، فيما هو عنصر دعم ومساعدة للبنان في وجه العدوان "الإسرائيلي". وما يجدر لفت النظر إليه، أن اعتبار هوكشتاين أن تحسن الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان "سيؤدي الى تقليص قدرة القوى الخارجية على التأثير على لبنان"، هل أن ذلك سيشمل النفوذ الاميركي والفرنسي؟ أم أن التمويل سيحل مكان السلاح في تحديد حجم النفوذ ودوره؟
هنا يأتي دور المبعوث لودريان، الذي هدد اللبنانيين بأن كيانهم السياسي مهدد الوجود، إذا لم يأخذوا بآرائه وتوجهاته، فالأميركي يلوح بجزرة خداعة. ولودريان يلوح بعصاة فرنسية فقدت قدرتها وتأثيرها. وطالما أن أولوية المبعوثين هي أمن "إسرائيل" ومستوطنيها، فإن ما ينتظره بعض المراهنين من القمة الفرنسية- الاميركية المقررة في 6 حزيران المقبل في باريس، لن يكون أفضل من كلام مبعوثي الدولتين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل