الهجرة حب وإيثار لا كلام وشعار

الإثنين 07 تشرين الأول , 2024 05:37 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

 الثبات- إسلاميات

جاء الإسلام بنظام متكامل ينظم أمور الناس جميعها، ويحثهم على التراحم والتعاضد والتكاتف والتآخي والإثار فيما بينهم، ولاسيما عند مواطن الهجرة، قالﷺ: ((الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).

 نرى النبيﷺ آخى بين المهاجرين والأنصار، أخوة حقيقية، فلم تكن الأخوة بينهم مجرد شعارات ترفع، وكلام منمق يُلقى، بل كان له أثره في الواقع العملي، وكان قائمًا على الإيمان بالله والحب فيه تعالى، حتى خلد الله تعالى تلك الأحداث والمشاهد في القرآن الكريم، ومدح الله الأنصار الذين قدَّموا بنفوس سخية وصدور سليمة نصف ما يملكون للمهاجرين، عندما لجؤوا إلى المدينة المنورة، فلم يبخلوا عليهم بشيء، ولو كان الواحد منهم بحاجة ماسة لما قدم، قال الله تعالى: {والذين تبوَّءُ الدار والإيمن من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مِّمَّا أُوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ومن يُوق شُحَّ نفسِه فأُولئك هُمُ المفلحون}.

وهكذا نشأ المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة على محبة ومؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين فقدَّموا لنا صورًا تكتب بماء الذهب من حسن الاستقبال والضيافة، والبذل والعطاء، منها:

أن الأنصار قالوا للنبيﷺ اقسم بيننا وبين إخوتنا النخيل، قالﷺ: ((لا)) فقالوا: -أي:الأنصار للمهاجرين-تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة، قالوا:- أي جميعًا- سمعنا وأطعنا.

وهنا نرى أن رسول اللهﷺ أراد المساواة بينهم مع عدم زوال ملكية الأنصارعن نخيلهم وأموالهم، فمن المهاجرين العمل، ومن الأنصار المال.

 ولما قدم عبدُ الرحمن بنُ عوفٍ المدينة آخى النبيُّﷺ بينَه وبين سعدِ بنِ الربيع، فقال له: هلُمَّ أقاسِمُك مالي نصفين، ولي امرأتانِ فأطلِّقُ إحداهما، فإذا انقضت عدتُها فتزوَّجْها -وكان هذا قبل أن يفرض الحجاب في أول الأمر- فقال: بارك اللهُ لك في أهلك ومالِك، دلوني على السوقِ، فدلُّوه على السوق، فاشترى أقطًا وسمنًا، فجعل يبيع ويشتري حتى أغناه الله فما رجع يومئذٍ إلا ومعه شيءٌ من أقِطٍّ وسمنٍ قد استفضله، ثم تزوج بعد مدة قليلة فرآه رسولُ الله ﷺ بعد ذلك وعليه وضَرُ صفرةٍ-أي: أثر الزواج- فقالﷺ:((مهيمُ)) فقال: تزوجتُ امرأةً من الأنصار، قالﷺ: ((فما أصدقتَها؟)) قال :وزن نواة من ذهب، فقالﷺ: ((بارك الله لك، أولم ولو بشاة)).

وهكذا نرى أن المهاجرين قاموا يعملون حتى أغناهم الله بعد الحاجة، وصاروا رؤوس الناس، غنًى وفضلًا، ولم يكونوا عالةً على المجتمع، وحفظوا بذلك كرامتهم وهيبتهم، وماء وجههم أمام الناس، فالمؤمن يستعين بالله تعالى عند كل محنة، وكل بلاء، ولا يعجز.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل