لقاء معراب.. استعجال القِطاف وحصاد الخيبة _ أمين أبو راشد

السبت 12 تشرين الأول , 2024 11:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
دائماً على عجلة من أمره السيد سمير جعجع، وهو منذ "حالات حتماً" واثق الخطوة، يُقدِم عليها رغم كل خيباته؛ العسكرية منها في كل منطقة قرر أن "يحررها"، والسياسية في كل مغامرة اندفع نحوها، ودعوته الفرقاء السياسيين إلى لقاء ثانٍ في معراب بعد لقاء نيسان الماضي، شهِد نكسة على مستوى الحضور، وبإمكانه ليس فقط المقارنة بين أسماء مَن حضروا في اللقاءين، بل بقراءة لائحة المدعوين للقاء السبت الماضي، ومقارنتها بالحاضرين، ليتأكد للمرة الألف أن التسرُّع بالإقدام  على خطوة، هي أكبر من كل الحاضرين - لو حضروا - ليست كبوة، ولا سقطة، بل هي تدحرج نحو الهاوية.

قالها بعض مَن اعتذروا عن الحضور: نحن لا نقبل أن تتصدر معراب المشهد، والبعض الآخر قال نحن لا نُجالس أصحاب الطروحات الفيدرالية، فيما جاء الردُّ الأقوى من غير المدعوين، الذين اعتبروا أن توقيت اللقاء بعد الضربات التي وجهتها إسرائيل إلى قيادات حزب الله، هو استعجال غير لائق لقطاف موسم غير ناضج، والحصاد على المستوى الوطني لن يكون سوى الخيبة.

وليس مستبعداً أن يكون السيد سمير جعجع مأموراً أميركياً عبر قناة عوكر، بالذهاب الى الحقل بصرف النظر عن حسابات البيدر، وإذا كان هدف اللقاء المطالبة بتطبيق القرار 1701، فإن "إسرائيل" تعتبر أنه بات خلفها، لكن المشكلة أن اللقاء يهدف إلى تطبيق القرار 1559 ولبنان يعتبر أنه بات خلفه.

ومع حفظ حق السيد جعجع بما يمثل في الشارع المسيحي بالتحالف مع السيد كميل دوري شمعون، فإن انتداب رئيس الكتائب سامي الجميل لنائب رئيس الحزب بتمثيله مع النائب السابق ايلي ماروني، يعني رفض سامي الجميل الصريح بأن يتصدر السيد سمير جعجع هذا المشهد، ولا ضرورة لذكر باقي المدعوين مع حفظ الاحترام، سواء كانوا من سياسيي وإعلاميي الدرجة الثالثة أو الرابعة، وما دام النائب أشرف ريفي حضر بالأصالة عن نفسه وليس بالنيابة عن 63 نائب مسلم في المجلس النيابي.

كل مَن اجتمعوا في معراب يوم السبت، استعجلوا قراءة الأرض وهم لا يعرفون ماذا يحصل وسوف يحصل على الأرض، لأنهم اكتفوا باعتبار شهادة أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله وقيادات الحزب، أن صفحة حزب الله والمقاومة قد طُويت من التاريخ اللبناني، وأن الساحة الوطنية قد فرغت، لدرجة، أنها باتت قابلة للكلام الفارغ، إن لم نقُل لأصحاب الرؤى التائهة في الفراغ، ونحن نقول، ونعوذ بالله من كلمة نحن، أن أي دخول بري للجيش الصهيوني الى لبنان هو مستنقع النهايات لهذا العدو ومَن يُراهن عليه.

ولن نتوقف عند البيان الختامي للقاء معراب، الذي تلاه السيد سمير جعجع، لأن هذا اللقاء غير مقبول شكلاً ومضموناً على المستوى الوطني، ويُمكن اعتباره وكأنه لم يكُن.

من حيث الشكل، اقتصر اللقاء على السيد جعجع ونواب حزب القوات، مع بعض الفعاليات التي تدور في فلك معراب، أو التي تبحث عن حيثية لها باسم السيادة، ومن حيث الشكل أيضاً، فإن مَن أعدوا البيان الختامي هم، النائب جورج عدوان عن القوات، والنائب أشرف ريفي عن نفسه، والنائب السابق إيلي ماروني عن الكتائب رفعاً للعتب.

وهنا لدينا من حيث الشكل سؤال مشروع: إذا كان لقاء عين التينة الذي جمع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بما يمثلان من صفة رسمية، مع النائب السابق وليد جنبلاط كزعيم في طائفته، هذا اللقاء كان قد أثار حفيظة المسيحيين، وبادر المجتمعون إلى إرسال مبعوثين عنهم إلى القيادات المسيحية لتوضيح الموقف حول الوضع الذي استوجب سرعة اللقاء للإعلان عن موافقتهم على تطبيق القرار 1701، فإن الشكليات هي أيضاً عند القيادات المسيحية، التي قد تحتاج إلى لقاء في بكركي للتوافق على الشخصية المسيحية التي يجب أن تتواجد في الصورة مع بري وميقاتي وجنبلاط، وهذا التوافق المسيحي مستحيل وسط صراع الديكة المسيحيين حتى ولو على تعيين شاويش بلدية.

أما من حيث المضمون للقاء معراب، فهو مرفوض وطنياً، مسيحياً وإسلامياً، لأنه خارج الزمن وخارج المنطق، ما دام أصحابه يُسابقون "الإسرائيلي" الذي ما زال في مراحل الإستطلاع للتوغل البري، وهم أوغلوا في البحث عن ضرورة التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية بأجواء العام 1982، التي لن تتكرر لتأمين دبابة تحمل رئيساً إلى بعبدا.

في الخلاصة، حزب الله منتشر على خطوط المواجهة، وسلاحه بوصلته نحو الحدود مع الكيان الصهيوني، ومعموديات الدم قادمة في كل مواجهة على أرض الجنوب، وهنيئاً لمن يقرأ أن حرب الاستنزاف قادمة مع هذا العدو وهي في بدايتها، وأن سلاح الحزب ليس للداخل كما يدَّعي بعض من جمعتهم معراب، وكل المطلوب، احترام الوحدة الوطنية على مستوى مَن تعتبر نفسها قيادات، وعدم التوغُّل السياسي على أضرحة الشهداء، لأن الصراع الداخلي بغنى عن المزيد من الأضرحة والسلام.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل