أقلام الثبات
اسدل حزبُ الله السّتارة عن وقائع المناورة الرّمزية التي اجراها في منطقة كسارة العروش ببلدة عرمتى الجنوبية يوم الاحد الماضي، ولم تُسدل عن تداعياتها ورسائلها في اروقة تل ابيب حتى اللحظة، في محاولة "فكّ شيفرة" ما ظهر فيها وما تقصّد الحزب اخفاءه عن مسرح المناورة سيّما الصواريخ الدقيقة -"التي تزيل النوم من عيون المؤسسة العسكرية والأمنية "الإسرائيلية"- وفق تعبير مراسل الشؤون العربية في القناة"13" العبرية حيزي سيمنطوف.. فبين عرض المسيّرات - التي لطالما اربكت اروقة تل ابيب حيال تقدير اعدادها الضخمة التي باتت في حوزة حزب الله، والتي سيكون لها الدور البارز في ايّ حرب مرتقبة، - حسب تقديرات قادة وخبراء ومحللين عسكريين "اسرائيليين"، ومحاولة تخمين الهجومية والانتحارية مما تمّ عرضه في المناورة، الا انّ محاكاة اسر جنود واقتحام مستوطنات "اسرائيلية"، واستعراض عناصر من فرقة "الرضوان" والدراجات النارية التي حاكت اختراق الحدود والسواتر للوصول الى الجليل.. كانت كافية لإيصال رسالة واضحة الى "من يعنيهم الأمر".." حزبُ الله سيكون في موقع الهجوم في اي حرب مرتقبة، والتي لن يكون مسرحها حصرا على الأرض اللبنانية"!
اسئلة كثيرة رافقت مناورة حزب الله التي فاجأت الجميع.."لماذا آثر الحزب إجراءها علانية في هذا التوقيت؟ وتقصّد تمريرها امام عدسات كاميرات المئات من الصحافيين والمراسلين العرب والاجانب؟ هل رصد خيوط ضربة "اسرائيلية" ضدّ اهداف له في لبنان؟ سيما انها جاءت بعيد ايام قليلة على عملية غزة مع حركة "الجهاد الاسلامي"؟ هل يتوقع الحزب ان يبادر بنيامين نتنياهو الى "المغامرة" مجددا بعملية عسكرية او امنية لربما تطال هذه المرّة احد قادته؟ وهل تدلّل هذه المناورة الى انّ "حدثا عسكريا" بين الحزب و"اسرائيل" بات مرتقبا؟
تدرك تل ابيب جيدا انّ ايّ حرب مرتقبة مع حزب الله لن تكون لمصلحتها، وقد تتوسع لتصبح حربا شاملة تنخرط فيها كل ساحات محور المقاومة وهو امرٌ لم يُغفله الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في اكثر من خطاب له..وهل اصلا لدى الجيش "الاسرائيلي" جاهزيّة للإنخراط في هذه الحرب؟.. لعلّ اللواء احتياط اسحاق بريك هو اكثر من وصّف حال جيش الكيان الذي وصل اليه، وهو الذي استفاض اكثر من مرّة بشرح مفصّل للثغرات الكثيرة والخطيرة في اداء هذا الجيش وعدم جاهزيّه للحرب، ولطالما مرّر انتقاداته للقيادات العسكرية المتعاقبة التي "وضعت كلّ بيضها في التركيز على سلاح الجو حصرا"-وفق تعبيره..ومبيّنا انّ المواجهة مع حزب الله ستكون من اخطر المواجهات على الاطلاق.. ماذا عن منصّات الغاز "الاسرائيلية"؟ -والتي ستكون على رأس قائمة الأهداف حسبما يقرّ خبراء ومحللون عسكريون "اسرائيليون"؟
غداة ارسال حزب الله لمسيّراته فوق حقل "كاريش" خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، حذّر موقع "واللا" العبري من الصواريخ الساحلية التي يمتلكها الحزب وتشكل تهديدا حقيقيا لمنصّات الغاز "الاسرائيلية"، وتوقف عند ما اسماه "القلق الاسرائيلي المتزايد من تكثيف حزب الله جمع المعلومات الاستخبارية البحرية عن الأهداف الاسرائيلية سيّما السّفن وحفّارات الغاز والبنية التحتيّة على طول الساحل"، وإذ اعتبر " انّ الحزب كشّر عن انيابه في وجه اسرائيل"-وفق توصيفه، لفت الى" انّ المخاوف تنضمّ الى تقييم شعبة الاستخبارات العسكرية "امان" بأنّ اسرائيل اقرب الى الحرب منها الى الهدوء".. وحينها نبّه مراسل الموقع امير بوخبوط، من "انّ حزب الله حصل في السنوات الأخيرة على قطع بحرية تعمل تحت الماء، يتمّ التحكّم بها عن بُعد، وطائرات مسيّرة وعشرات الصواريخ ساحل-بحر تهدّد سفن سلاح البحرية ومنصّات الغاز والمرافق الحسّاسة والاستراتيجية على طول ساحل اسرائيل"..هذا عدا التقارير الاستخبارية "الحليفة" لإسرائيل، التي وصلت اليها وتضمّنت تقديرات "خطيرة" عما جهّزه حزبُ الله من مفاجآت منذ حرب تموز عام 2006 حتى الان-وفق ما نقل يؤاف ليمور، المحلّل العسكري "الاسرائيلي" عن مسؤولين وصفهم ب"رفيعي المستوى" في المؤسسة الأمنية بتل ابيب.
وعليه، تبقى الحرب الشاملة مستبعدة لكن مع عدم اغفال انّ اي خطأ في الحسابات قد يجرّ الى هذه الحرب، كحدث امني يتجاوز الخطوط الحمر مع حزب الله او اغتيال شخصيّة امنية كبيرة.. في المقابل ثمّة من المحللين العسكريين المقرّبين من محور المقاومة، ان حذّروا من "تصغير" احتمال اقدام بنيامين نتنياهو الى المغامرة ب"عمل عسكري او امني ما" والذي بات يرزح تحت ضغط شديد في داخل الكيان قبل خارجه، واصبح بمواجهة خيارات احلاها مرّ، وحيث قد ينجرف بمؤازرة رؤوس بعض وزرائه الحامية الى عمل متهوّر قبل ان يسقط الهيكل على رأسه –والذي يبدو محتّما.
وثمّة من اعاد التذكير بالمناورات الضخمة التي اطلقها الجيش "الاسرائيلي" تباعا، وضمنا تلك التي اجراها في قبرص، وترجيح انّ الأخيرة ستكون احدى منصّات الهجوم "الاسرائيلي" على لبنان عند اندلاع المواجهة الكبرى..وسبق لموقع "رادار اسرائيل" –ألمختصّ بالشؤون العسكرية "الاسرائيلية" ، ان مرّر خبرا في خضمّ المناورات، مفاده" انّ وحدة كوماندوز القوات الجوّية "شالداغ" تنفّذ تدريبا يحاكي غارة خلف خطوط العدوّ والقوات التي تنقلها طائرات الهليكوبتر".. وذكر" انّ اكثر من 1000 عنصر في الكوماندوز يُنقَلون جوّا لإجراء تدريبات تحاكي معركة ضدّ قوات حزب الله في اراضي العدوّ".." كل ذلك يأخذه حزبُ الله في الحسبان وجهّز ما هو اخطر بكثير مما يعتقد قادة "اسرائيل"- وفق ما المح خبير استراتيجي مقرّب من الحزب.
وفي حين علت نبرة التهديدات "الاسرائيلية" ضدّ ايران بشكل لافت منذ انتهاء مناورة حزب الله، راجت تسريبات في الكيان عن امكانيّة المبادرة الى عمليات اغتيال قد تطال مرّة اخرى قادة في حركة "الجهاد الاسلامي" في الخارج دون تحديد الساحات، وتلميح الى امكانية اغتيال احد القادة الكبار بعملية امنيّة معقدة.. ولربما جاء تحذير امين عام الحركة زياد النخالة سريعا ربطا بهذا الاحتمال، وتهديده ب"قصف الكيان الصهيوني اذا تجرّأ نتنياهو على استهداف قادة الحركة في ساحات اخرى".. تهديدات مرّرتها "اسرائيل" عشيّة خطاب الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله المُرتقب غدا الخميس بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين على تحرير الجنوب من الاحتلال "الاسرائيلي".. وليس مبالغا القول إنّ الجميع في الكيان بانتظار ما سيقوله السيّد غدا، وسط تقديرات تشير الى رسائل ناريّة سيتضمنها "الخطاب -الفصل" صوب "من يعنيهم الامر".. على وقع معلومات ألمحت الى "قرار كبير قد يتخذه السيّد نصرالله"، تزامنا مع ترجيح حدث امني مرتقب غير مسبوق في "الملعب الإسرائيلي"،" وعدم استبعاد عمليّة اغتيال تطال شخصية امنية "اسرائيلية" رفيعة المستوى في المدى المنظور"!