الإسلام الاميركي المهجّن.. ودوره في هزيمة الأمة - د.نسيب حطيط

الأحد 12 أيار , 2024 04:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تخوض قوى المقاومة والتحرر مواجهة عسكرية غير متكافئة مع التحالف الأميركي - "الاسرائيلي"، واستُنزفت الأنظمة والشعوب وقوى التحرر والاحزاب على مدى خمسة عقود في حروب "إسرائيلية" او أميركية وفتن داخلية متنوّعة العناوين؛ الطائفية او المذهبية او المناطقية، وحروب بين دول الامة، كانت في مقدمتها الحرب العراقية - الإيرانية وغزو العراق للكويت، ثم الحرب السعودية على اليمن، واخر المآسي الجريمة الأميركية المسماة "الربيع العربي"، الذي انهك الامة وشتتها، وكان السبب الرئيس في الإبادة الجماعية لغزة.
بالتلازم مع الحرب العسكرية والأمنية والاقتصادية المتمثلة بنهب الثروات وسرقة النفط العراقي  والليبي واللبناني والنفط السوري بالاحتلال والغزو ومصادرة واردات النفط الخليجية في البنوك الأميركية، تشن الإدارة الأميركية مع الماسونية والصهيونية حرباً ثقافية واجتماعية ضد شعوب العالم، مع تركيز على الشعوب العربية والإسلامية، لمحو ثقافتها وزعزعة معتقداتها، وتلقيح عقولها وسلوكياتها بالأفكار المنحرفة من الجندر والشذوذ الاخلاقي، وتغيير الطبيعة الإنسانية، ونسف الاحكام الدينية على مستوى الأسرة والزواج والسلوك العاطفي بعنوان الحرية الشخصية او الانفتاح، وكانت ذروة هذه الحرب الثقافية - الدينية اعلان "الديانة الابراهيمية".
استطاعت الإدارة الأميركية او ما يمكن تسميته "البنتاغون الثقافي" ان تستكمل مسيره الحرب البريطانية على الاسلام، واستطاعت صناعة "اسلام اميركي مهجّن" استبدل الآية الكريمة {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى)، الى ايه يطبقها "المسلمون الجدد" بأسمائهم المختلفة وأذرعهم العسكرية المسماة "الجماعات التكفيرية"، حتى صارت "الآية" الأمريكية الجديدة "لتجدنّ شل الناس عداوة للذين امنوا... كل من يقاتل اميركا واسرائيل ولتجدن اقربهم مودّة لأميركا الذين قالوا اننا صهاينة وخائنون.."، واصبح الايمان الاميركي يرتكز على فتوى قتل المسلمين والمسيحيين، لكنه لا يطلق النار على اي صهيوني او اميركي محتل.
صار مشايخ الاسلام الاميركي المهجّن يصدرون الفتاوى بوجوب قتال السوفيات الكفّار في افغانستان، نصرة للمسلمين ويحشدون لمقاتلين من كل العالم الاسلامي، ويتم تجهيزهم بالسلاح والمال.
يُفتي مشايخ الاسلام الأميركي بحرمة الدعاء للمقاومين (الشيعة) ضد اسرائيل في حرب 2006، والمقاومين (السنّة)  في غزة.
يحرّم الاسلام الأميركي العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال "الاسرائيلي" لكنه يفتي بجوازها ضد الشيعة والمسيحيين او السنّة الذين لا يوافقونهم الرأي.
يصمت الاسلام الاميركي عن نصرة اهل غزة المسلمين ولا يقاتل الاحتلال "الإسرائيلي" المتوحش الذي يقوم بإبادة جماعية للمسلمين السنّة في غزة.
الاسلام الاميركي المهجّن يعمم ثقافة ارضاع الكبير وكراسي الجن ومضاجعة الميتة وفتاوى التفاهة والسخافة، لكنه لا يحرّم التطبيع والخيانة والتآمر.
استطاع الاسلام الأميركي المهجّن ان يقنع انصاره من المؤمنين بعقيدته ان الشيعة كفّار، وان الشيوعيين كفّار، وان القوميين كفّار، وان المسيحيين كفّار، وكل من يعارض الحاكم المستبد او يقاتل اميركا او اسرائيل فهو مغامر يصل الى حد الكفر، لأنه كان السبب في قتل المسلمين، والدليل لو ان "حماس" لم تقم بطوفان الاقصى لما كانت "اسرائيل" قتلت اهل غزة، وحمّلوا المسؤولية الى الضحية وبرأوا المجرم القاتل "الاسرائيلي"، وأمدّوه بالغذاء والمال والتأييد السياسي!
استطاعت اميركا ان تبني للمسلمين عقيدة مناقضة للإسلام القرآني واستطاعت ان تحتل عقول أغلب الأمة وتخريج المشايخ والامراء والخلفاء وهزمت الامة ثقافيا وعقائديا قبل ان تهزمها عسكرياً.
لا يمكن مواجهة امريكا بالسلاح فقط وهي التي استطاعت ان تحتل عقول اغلب الامة او تستأجرها بالمال والمصالح، فأنتجت ما يسمى العلماء والمفتين والمفكرين والنخب الثقافية والإعلامية ليشكلوا جيشا ...سلاحه القلم والتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، لتخريب العقول والسلوكيات وتحريف المصطلحات وتغيير المفاهيم... لتهزمنا في عقر دارنا ونتحوّل الى آلات بشرية تستشهد في سبيل اميركا وتقتل اهلها في سبيل اميركا وتخرب بلادها في سبيل اميركا ظنّاً منه ان انها ستدخل الجنة الإلهية كما تم تربية الانتحاري الذي يقتل المسلمين والمسيحيين والأبرياء مهما كان ديانتهم او جنسيتهم ...بأن أرواح المعادين والمقاومين لاميركا ثمن التذكرة المزوّرة لدخول الجنة الإلهية وحور العين.
لابد من تأسيس جبهة مقاومة ثقافية واعلامية ومعرفية، عابرة للطوائف والمذاهب والجنسيات والقوميات تجمع احرار العالم لمواجهة الحرب الثقافية الأميركية ... تحمي عقول الامة وشعوب العالم من الاختراق وتؤسس لمواجهة طويلة الامد مع الحرب الثقافية الأميركية - الصهيونية.
الكلمة قبل الرصاصة.. لمواجهة المشروع الأميركي - الصهيوني.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل