الثبات- إسلاميات
في آخر طريق اليأس والإحباط فرج قادم بإذن الله تعالى من عنده، قال الله تعالى:{حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهُم نصرنا فَنُجِّيَ من نَّشاء ولا يردُّ بأسنا عن القوم المجرمين}.
من السنن الكونية والقواعد الربانية التي بنى الله تعالى عليها هذا الكون، وهذه القاعدة نجدها وافرة في قصص الأنبياء في القرآن الكريم، وافرة في السيرة النبوية:
وهي أن الفرج لا يأتي إلا عند اشتداد الأمور وانقطاع الأسباب وتحقق العبد بعجزه وضعفه، وأن الفرج لا يأتي إلا من عند الله تعالى مسبب الأسباب سبحانه وتعالى، فعندما يدخل أطراف اليأس إلى قلوب العباد، وتنقطع الأسباب الظاهرة، ويلجأ العباد ويتعلق قلبهم تعلقا كاملا إلى من في يده الأمر على الحقيقة عندها يأتي فرج الله تعالى.
ولقائل أن يقول لماذا لا يأتي فرج الله في أول الأزمة؟
لماذا لا يستجيب الله من أول الدعوات التي نسأله إياها سبحانه وتعالى؟
الجواب: كأن الله سبحانه وتعالى يريد لقلوبنا أن تتعلق به محض التعلق فلا تتكل على مفاوضات فلان وتصريحات آخر وكأن بيدهم الحل والفرج، حتى لا يخالط إيماننا ويقيننا به سبحانه وتعالى شيء من شوائب الاعتماد على غيره، وكي لا نعتقد أن الأسباب هي كل شيء، نعم نأخذ بالأسباب وكأنها لاشيء ونعتمد على مسببها القادر على كل شيء، قال تعالى:{وهو على كل شيء قدير} وعندما يحصل ذلك نرى الله سبحانه وتعالى يغيث العباد، ويستجيب الدعاء، ويأتي بالفرج وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يشرح لنا هذه السنة الكونية وهذه القاعدة الربانية من خلال الأمثلة في القرآن الكريم، ليقول لعباده يا أيها البشر يامن تعتمدون على الأسباب أنا من وضعت الأسباب أنا خالق الأسباب ومسببها فمهما أخذتم منها فإنها لن توصلكم إلى نتيجة حتى تعلموا وتتيقنوا أن بيدي كل شيء، وأن كل كربة وشدة تنزل بكم ثم تأخذون بالأسباب على أنها الفاعلة لن تنفع ولن ترفع عنكم حتى أنا أرفعها فأنا ربكم
سيدنا موسى عليه السلام يخرج مع قومه من بني اسرائيل يهرب من بطش فرعون وظلمه يسلكون الطرق والأسباب يصلون إلى البحر، البحر من أمامهم وفرعون وجنوده من خلفهم يريدون قتلهم ما الحل ما المخرج، قال تعالى:{فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنَّا لمدركون} يئسوا من النجاة إلا سيدنا موسى واثق بفرج الله، قال الله تعالى عنه: {قال كلَّا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم}
ألم يكن الله قادرًا على أن يسلك بسيدنا موسى عليه السلام في طريق ويسلك بفرعون وجنوده في طريق آخر فلا يلتقيان؟
بلى قادر، ولكن يريد أن يبين لنا ويؤكد لنا هذه السنة الكونية وهي أن الله تعالى يخلق الفرج بسبب وبدون سبب وأن الأمر كلما ضاق واشتد ثم ضاق ثم ضاق فحينئذ يأتي الفرج
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
ولرب نازلة يضيق لها الفتى
ذرعًا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج