بيان الفاتيكان.. إعصار إيجابي يواكب “طوفان الأقصى”

الخميس 18 تموز , 2024 09:48 توقيت بيروت دولــي

الثبات ـ دولي

أعلن الفاتيكان منذ بضعة أيام عبر بيانٍ واضح، عدم أحقِّية اليهود بأرض فلسطين، ونفى عنهم أحقِّية “الأرض الموعودة”، فيما أكَّد على حقّ الفلسطينين بأرضهم التي يعيشون عليها من 1600 سنة وطالب بإنهاء الإحتلال الصهيوني.

واعتُبِر هذا القرار بأنه “إنقلابٌ تاريخيٌ ديني، من أعلى سلطة مسيحية في العالم، ينسِف ويُلغي ما قام به اليهود على مدار عشرات السنوات، من ترويجٍ لأحقيتهم في أرض فلسطين استناداً الى التوراة”.

بيان الفاتيكان هذا، جاء بعد دعوة رؤساء كنائس “المجمع الكنسي الأكليروسي المقدس” إلى جلسة خاصة غير عادية ولمدة أسبوعين، خرج بعدها بعدة قرارات للكنيسة الكاثوليكية وُصِفت بأنها “تاريخية ومهمة” لأتباعها البالغ عددهم 1.5 مليار مسيحي في العالم.

ودعا “المجمع الأكليروسي المقدس” في بيانه، إلى “إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية”، وتطرَّق أيضاً إلى عدم إقحام “الكتاب المقدس” في تلك الإدعاءات والخلافات السياسية، و”لا يحق لأحد إستخدام الكتب المقدسة فيما يسمى عودة اليهود إلى فلسطين المحتلة”.

وقد تلا البيان الختامي لقرارات المجلس، رئيس كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في الولايات المتحدة، الذي قال بعد نفي أحقية اليهود على أرض فلسطين: “بالنسبة لنا، من الواضح أنه لا يمكن إستخدام مفهوم أرض الميعاد كأساس لتبرير عودة اليهود إلى “إسرائيل” وتهجير الفلسطينيين، بعد أن تمّ إستجلاب من 4 إلى 5 ملايين يهودي، وطرد من 3 إلى 4 ملايين فلسطيني من أرضهم التي عاشوا فيها منذ 1400 إلى 1600 عام.

واعتبر البيان، أن هذه المسألة سياسية، لكن مبررات إحتلال إسرائيل لأرض فلسطين لا يمكن أن تستند إلى الكتب المقدسة الموجهة إلى فلسطين ولتبرير عودة اليهود إلى “إسرائيل”.

بيان الفاتيكان على أهميته، كونه صدر عن أعلى مرجعية مسيحية في العالم، سبق أيضاً لمرجعيات دينية يهودية معادية للصهيونية أن نادت بمثيله، وكررت هذه المرجعيات مطالبتها خلال العدوان على غزة بإزالة الإحتلال، كما اعترف الكاتب “الإسرائيلي” نيهيميا شتراسلر في صحيفة هآرتس بتاريخ 29 آذار / مارس الماضي، في سياق عرضه لمشكلة المتدينين الحريديم الرافضين للخدمة العسكرية.

يقول شتراسلر أن طائفة الحريديم تُعلن صراحة رفض تجنيد أبنائها في الجيش “الإسرائيلي” لأنهم لا يعترفون بالدولة الصهيونية ككيان مدني سياسي، وقال شتراسلر حرفياً: يجب على “الإسرائيليين” العلمانيين أن يدركوا، بأن الأرثوذكس المتطرفين لا يحترمونهم، ويعلِّمون أطفالهم أن يحتقروهم، وهم لا يعترفون بالدولة ومُعادون للصهيونية، وبالنسبة لهم، “الدولة الإسرائيلية” ببساطة احتياط مالي يجب سرقته.

خارجياً، وعلى مستوى المعارضين للصهيونية، يبرز الحاخام الأميركي “ديفيد وايس” وهو من المتشددين الحريديم، الرافضين للصهيونية بكل أشكالها، ويؤمن أنه يجب على اليهود أن يعارضوا سلميًا وجود الدولة “الإسرائيلية”، حيث يقول: أنه “محظور علينا من الله أن تكون لدينا دولة، حتى لو كانت في أرض مقفرة وغير مأهولة”، لأن الله أوصانا بعدم تأسيس دولة عقاباً لنا على خطأ ارتكبناه سابقاً.

ولعل أهم ما قاله الحاخام وايس: “نحن تظاهرنا في أكثر من عاصمة غربية ضد اتفاقية أوسلو وحلّ الدولتين، لأننا مع بقاء الفلسطينيين في أرضهم ودولتهم، وعلى اليهود أن يعيشوا بينهم وتحت حكم دولة فلسطينية، وفي هذه الحالة نكون قد أرضينا الله مذعنين لإرادته، والكثيرون من اليهود المتدينين يؤمنون مثلنا بعدم جواز أن تكون لنا دولة يهودية خالصة، لكن معظمهم متردد أو خائف أو غير متفاعل مع أصول الدين وآحادية الكلام التوراتي”.

وكما تظاهر بعض اليهود في الماضي ضد “أوسلو”، التي قضمت كل حقوق الفلسطينيين، وتشارك شريحة كبيرة منهم الآن في أميركا والدول الأوروبية ضد العدوان على غزة، ويدعون لقيام دولة فلسطينية، فهذا يعني أن الفاتيكان أولى منهم بقراءة واقع الشارع الجماهيري المسيحي من أميركا الى أوروبا، الرافض لجرائم الإبادة الصهيونية في غزة، ومن هنا يتخذ بيان الفاتيكان قوة الموقف في رفض العدوان على أرض أقدس المقدسات المسيحية من كنيسة المهد إلى كنيسة القيامة، وكذلك الأمر بالنسبة للمقدسات الإسلامية التي ينتهكها الصهاينة بكل أنواع الممارسات المنافية للإنسانية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل